للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه التِزامُ حَقٍّ في الذِّمَّةِ مِنْ غَيرِ مُعاوَضةٍ، فصحَّ في المَجهولِ كالنَّذرِ والإقرارِ (١).

وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وضَمانُ المَجهولِ جائِزٌ عندَ جُمهورِ العُلماءِ، كمالِكٍ، وأبي حَنيفةَ، وأحمدَ، ودلَّ عليه الكِتابُ: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢] (٢).

وقال ابنُ الهُمامِ الحَنفيُّ : والكَفالةُ بالمالِ عندَنا جائِزةٌ، وإنْ كان المالُ المَكفولُ به مَجهولَ المِقدارِ، وبه قال مالِكٌ وأحمدُ والشافِعيُّ في القَديمِ، وقال في الجَديدِ -هو وابنُ أبي لَيلى واللَّيثُ وابنُ المُنذِرِ-: لا تَجوزُ بالمَجهولِ؛ لأنَّه التِزامُ مالٍ مَجهولٍ فلا يَجوزُ، فلا بُدَّ مِنْ تَعيينِه؛ لِوُقوعِ المُماكَساتِ في مُبادلةِ المالِ، والكَفالةُ عَقدُ تَبرُّعٍ، كالنَّذرِ، لا يُقصَدُ به سِوى ثَوابِ اللهِ ، أو رَفعُ الضِّيقِ عن الحَبيبِ، فلا يُبالي بما التَزمَ في ذلك، ويَدلُّ على ذلك إقدامُه بلا تَعيينِه لِلمِقدارِ حين قال: «ما كان عليه فعلَيَّ»، فكان مَبناها التَّوسُّعَ، فتُحُمِّلت فيها الجَهالةُ (٣).

القَولُ الثاني: لا يَصحُّ ضَمانُ المَجهولِ، وهو قَولُ الشافِعيِّ في الجَديدِ (٤).


(١) «المغني» (٦/ ٣١٥).
(٢) «الفتاوى» (٢٩/ ٤٥٩).
(٣) «فتح القدير» (٧/ ١٨١).
(٤) «المجموع» (١٣/ ١٠٤)، و «متن أبي شجاع» (١/ ١٣٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٦٧)، و «اختلاف العلماء» (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>