للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ الشُّروعِ في العَملِ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]، ووَجهُ الدِّلالةِ مِنَ الآيةِ أنَّ المُناديَ ضمِن حِملَ البَعيرِ للذي يأتي بالصُّواعِ، وهو لَم يأتِ به بَعدُ، ولَم يَكُنْ عَمِل العَملَ، ولأنَّ الحِكمةَ تَقتَضي ذلك، والحاجةُ داعيةٌ إليه، فإنَّه قد لا يُوجدُ مَنْ يَتبرَّعُ بالعَملِ، فكانتِ الحاجةُ داعيةً إليه.

وقال الإمامُ القُرطبيُّ : وقال بَعضُ العُلماءِ: في هذه الآيةِ دَليلٌ على جَوازِ الجُعلِ، وقد أُجيزَ لِلضَّرورةِ، فإنَّه يَجوزُ فيه مِنَ الجَهالةِ ما لا يَجوزُ في غَيرِه، فإذا قال الرَّجلُ: مَنْ فعَل كذا فله كذا، صحَّ (١).

وقال الإمامُ ابنُ قُدامةَ : بعدَما ساقَ الآيةَ قال: ولأنَّ الجُعلَ يَؤولُ إلى اللُّزومِ إذا عَمِل العَملَ … ، ولأنَّ الضَّمانَ لِلمالِ دونَ العَملِ (٢).

القَولُ الثاني: لا يَصحُّ ضَمانُ الجُعلِ قبلَ الشُّروعِ في العَملِ، وهو قَولٌ لِلشافِعيَّةِ (٣).

قال الإمامُ الشِّيرازيُّ في «المُهذَّبِ»: ولا يَصحُّ ضَمانُ الجُعلِ في الجَعالةِ؛ لأنَّه دَينٌ غَيرُ لَازمٍ، فلَم يَصحَّ ضَمانُه كدَينِ الكِتابةِ (٤).


(١) «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٠٩).
(٢) «المغني» (٦/ ٣١٦)، ويُنظر: «مطالب أولى النهى» (٩/ ٧٧)، و «المجموع» (١٣/ ١٨٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٤٠٩).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٠)، و «المجموع» (١٣/ ١٨٢)، و «المهذب» (١/ ٣٤٠).
(٤) «المهذب» (١/ ٣٤٠)، و «المجموع شرح المهذب» (١٣/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>