للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِهذا قال الحَنابِلةُ في تَعريفِ الضَّمانِ: هو التِزامُ ما وجَب أو يجِب على غَيرِه مع بَقائِه عليه، أو هو ضَمُّ الإنسانِ ذِمَّتَه إلى ذِمَّةِ غَيرِه فيما يَلزمُه حالًا ومآلًا (١).

وضَمانُ ما لَم يَجِبْ يُسمَّى أيضًا ضَمانَ السُّوقِ، وهو: أنْ يَضمنَ ما يَلزمُ التاجِرَ، أو ما يَبقى عليه لِلتُّجارِ، أو ما يُقبَضُ مِنَ الأعيانِ المَضمونةِ.

وقد سُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ عمَّن يَكتُبُ ضَمانَ الأسواقِ وغَيرَها مِنَ الكِتابةِ التي لا تَجوزُ في الشَّرعِ، هل على الكاتِبِ إثْمٌ؟ فإنَّه يَكتُبُ ويَشهدُ على مَنْ حضَر بما يَرضى؛ فإنْ كان لا يَجوزُ؛ فإنَّ الكُتَّابَ لا يَخلون مِنْ ذلك، فهل يأثَمونَ بذلك أو لا؟

فأجابَ : ضَمانُ السُّوقِ -وهو أنْ يَضمنَ الضامِنُ ما يَجِبُ على التاجِرِ مِنَ الدُّيونِ وما يَقبِضُه مِنَ الأعيانِ المَضمونةِ- ضَمانٌ صَحيحٌ، وهو ضَمانُ ما لَم يَجِبْ، وضَمانُ المَجهولِ، وذلك جائِزٌ عندَ جُمهورِ العُلماءِ، كمالِكٍ، وأبي حَنيفةَ، وأحمدَ بنِ حَنبلٍ.

وقد دلَّ عليه الكِتابُ، كقَولِ اللهِ : ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]، والشافِعيُّ يُبطِلُه، فيَجوزُ لِلكاتِبِ والشاهِدِ أنْ يَكتُبَه ويَشهدَ عليه، ولو لَم يَرَ جَوازَه؛ لأنَّه مِنْ مَسائِلِ الاجتِهادِ، وَوَليُّ الأمْرِ يَحكمُ بما يَراه مِنَ القولَيْن (٢).


(١) «فقه النوازل» (١/ ٢٠٧)، و «الروض المربع» (٢/ ١٨٠)، و «مطالب أولى النُّهى» (٣/ ٢٩٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>