للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدَينٍ ساقِطٍ، فلا تَصحُّ، كما لو كفَل عن إنسانٍ دَينًا وليس عليه دَينٌ (١).

وقال الإمامُ ابنُ قُدامةَ في «الكافي»: ويَصحُّ ضَمانُ دَينِ الميِّتِ المُفلِسِ وغَيرِه (٢).

وقال أيضًا في «المُغني»: ومنها: صِحةُ الضَّمانِ عن كُلِّ مَنْ وجَب عليه حقٌّ، حيًّا أو ميِّتًا، مَليئًا أو مُفلِسًا؛ لِعُمومِ لَفظِه فيه، وهذا هو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وقال أبو حَنيفةَ: لا يَصحُّ ضَمانُ دَينِ الميِّتِ، إلا أن يُخلِّفَ وَفاءً؛ فإنْ خلَّفَ بَعضَ الوَفاءِ صحَّ ضَمانُه بقَدْرِ ما خلَّفَ؛ لأنَّه دَينٌ ساقِطٌ فلَم يَصحَّ ضَمانُه، كما لو سقَط بالبَراءِ، ولأنَّ ذِمَّتَه قد خرِبتْ خَرابًا لا تَعمُرُ بعدَه، فلَم يَبقَ فيها دَينٌ، والضَّمانُ: ضَمُّ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ في التِزامِه.

ثم قال: ولنا حَديثُ أبي قَتادةَ وعلِيٍّ؛ فإنَّهما ضمِنا دَينَ ميِّتٍ لَم يُخلِّفْ وَفاءً، والنَّبيُّ حضَّهم على ضَمانِه في حَديثِ أبي قَتادةَ بقَولِه: «ألَا قامَ أحَدُكم فضَمِنَه؟»، وهذا صَريحٌ في المَسألةِ، ولأنَّه دَينٌ ثابِتٌ فصحَّ ضَمانُه كما لو خلَّفَ وَفاءً، ودَليلُ ثُبوتِه أنَّه لو تَبرَّع رَجلٌ بقَضاءِ دَينِه جازَ لِصاحِبِ الحَقِّ اقتِضاؤُه (٣).

وقال الإمامُ الشَّوكانيُّ في «نَيلِ الأوطارِ» بعدَما ذكَر أحاديثَ البابِ: وأحاديثُ البابِ تدُلُّ على أنَّها تَصحُّ الضَّمانةُ عن الميِّتِ،


(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٥).
(٢) «الكافي» (٢/ ١٦١).
(٣) «المغني» (٦/ ٣١٥، ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>