للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك؛ لأنَّه مَحلُّ الخِلافِ بينَ الأئِمةِ، إذْ منَعه أبو حَنيفةَ … وأمَّا الحيُّ أو المَيِّتُ المُوسِرُ فلا خِلافَ في صِحةِ الضَّمانِ عنه (١).

استدلَّ الجُمهورُ على صِحةِ الضَّمانِ عن الميِّتِ الذي لَم يَتركْ شيئًا بما يلي:

١ - بما رَواه البُخاريُّ وغيرُه مِنْ حَديثِ سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ أنَّ النَّبيَّ أُتيَ بجَنازةٍ لِيُصليَ عليها فقال: «هل عليه مِنْ دَينٍ؟» قالوا: لا، فَصَلَّى عليه، ثم أُتيَ بجَنازةٍ أُخرى، فقال: «هل عليه مِنْ دَينٍ؟» قالوا: نَعَمْ، قال: «فصَلُّوا على صاحِبِكم»، قال أبو قَتادةَ: علَيَّ دَينُه يا رَسولَ اللهِ، فصَلَّى عليه (٢). والحَديثُ صَريحُ الدِّلالةِ في الضَّمانِ عن الميِّتِ الذي لَم يَتركْ شَيئًا.

قال الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : استُدِلَّ به على جَوازِ ضَمانِ ما على المَيِّتِ مِنْ دَينٍ، ولم يَتركْ وَفاءً، وهو قَولُ الجُمهورِ، خِلافًا لِأبي حَنيفةَ، وقد بالَغ الطَّحاويُّ في نُصرةِ قَولِ الجُمهورِ (٣).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٢)، وقال الدسوقي في «حاشيته»: قوله: (وصحَّ الضَّمانُ عن الميِّتِ المُفلسِ) أي: ولزِم أيضًا وإذا تحمَّل عن الميِّتِ المُعسرِ عالمًا بعُسرِه فأدَّى عنه، فإنَّه لا يَرجعُ في مالٍ يطرأُ بعدَ ذلك؛ لأنَّ تحمُّلَه معروفٌ وتبرُّعٌ منه، وأمَّا إن علِم أنَّ له مالًا أو ظنَّه أو شكَّ فيه، ثم ظهَر له مالٌ، فإنَّه يَرجِع بما دفعه عنه، بخِلافِ ما إذا أدَّى عن المُفلسِ بالتَّشديدِ فإنَّه لا يَرجِع مُطلقًا، كذا قال عبق (الشَّيخ عبد الباقي الزرقاني)، ونقَله شيخُنا العدوِي. قال بن (الشيخ محمد البناني): وفيه نظرٌ، بل ظاهرُ «المدونة» أنَّ له الرُّجوعَ إن علِم أنَّ له مالًا، ولا فرقَ بينَ المُفلسِ بالتَّشديدِ والتَّخفيفِ.
(٢) رواه البخاري (٢٢٩٥).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ٥٨٢)، ويُنظر: «شرح مشكل الآثار» للطحاوي (١٠/ ٣٣٣، ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>