للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختَصَّ جَوازَه بما له مِثلٌ، فأشبَهَ البَيعَ، فكان القَبولُ رُكنًا فيه، كما في البَيعِ.

ورُويَ عن أبي يُوسُفَ فيمن حلَف لا يَستقرِضُ مِنْ فُلانٍ، فاستقرَضَ منه فلَم يُقرِضْه أنَّه يَحنَثُ؛ لأنَّ شَرطَ الحِنثِ هو الاستِقراضُ، وهو طلبُ القَرضِ، كالاستيامِ في البَيعِ، وهو طلبُ البَيعِ، فإذا استَقرَضَ فقد طلَب القَرضَ، فوَجَدَ شَرطَ الحِنثِ فيَحنَثُ (١).

ووَجهُ قَولِ الشافِعيَّةِ في مُقابِلِ الأصَحِّ أنَّ القَبولَ ليس برُكنٍ؛ لأنَّ القَرضَ مَكرُمةٌ وإباحةُ إتلافٍ بشَرطِ الضَّمانِ، وظاهِرٌ أنَّ الالتِماسَ مِنَ المُقرِضِ: ك: «اقتَرِضْ مني»، يَقومُ مَقامَ الإيجابِ، ومِنَ المُقترِضِ ك: «أقرِضْني»، يَقومُ مَقامَ القَبولِ، كما في البَيعِ (٢).

ونَصَّ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّ القَرضَ يَصحُّ بلَفظِ السَّلَفِ والقَرضِ؛ لِوُرودِ الشَّرعِ بهما، وبكلِّ لَفظٍ يُؤدِّي مَعناهما، مِثلَ أنْ يَقولَ: مَلَّكتُكَ هذا على أنْ تَرُدَّ علَيَّ بَدَلَه، أو تُوجَدَ قَرينةٌ دالَّةٌ على إرادةِ القَرضِ، فإنْ قال: «مَلَّكتُكَ»، ولَم يَذكُرِ البَدَلَ ولا وُجِدَ ما يَدلُّ عليه فهو هِبةٌ، فإنِ اختَلَفا فالقَولُ قَولُ المَوهوبِ له؛ لأنَّ الظاهِرَ معه؛ لأنَّ التَّمليكَ مِنْ غيرِ عِوَضٍ هِبةٌ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٩٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٥٣)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٤٥٦، ٤٥٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٠، ٣١)، و «المغني» (٤/ ٢٠٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦، ٣٦٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٣)، و «الروض المربع» (٢/ ٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٣١).
(٣) «المهذب» (١/ ٣٠٢)، و «المغني» (٤/ ٢٠٨)، و «الكافي» (٢/ ١٢١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>