ولا ضَمانَ عليه؛ فإنَّه رُبَّما رأى الإيداعَ أفضَلَ حَظًّا له مِنَ القَرضِ، فلا يَكونُ مُفرِّطًا، وكُلُّ مَوضِعٍ قُلنا: له قَرْضُه، لا يَجوزُ إلا لِمَليءٍ أمينٍ؛ لِيَأمَنَ جُحودَه وتَعذُّرَ الإيفاءِ، ويَنبَغي أنْ يأخُذَ رَهنًا إنْ أمكَنَه، وإنْ تَعذَّرَ عليه أخْذُ الرَّهنِ جازَ تَركُه في ظاهِرِ كَلامِ أحمدَ ممن يَستقرِضُه مِنْ أجْلِ حَظِّ اليَتيمِ أنَّه لا يَبذُلُ رَهنًا، فاشتِراطُ الرَّهنِ يُفوِّتُ هذا الحَظَّ، وقال أبو الخَطَّابِ: يُقرِضُه إذا أخَذَ بالقَرضِ رَهنًا، فظاهِرُ هذا أنَّه لا يُقرِضُه إلا برَهنٍ؛ لأنَّ فيه احتياطًا لِلمالِ وحِفظًا له عن الجَحدِ والمَطلِ، وإنْ أمكَنَه أخْذُ الرَّهنِ فالأوْلى له أخْذُه احتياطًا على المالِ، وحِفظًا له؛ فإنْ تَرَكَه احتَمَلَ أنْ يَضِنَّ إنْ ضاعَ المالُ؛ لِتَفريطِه، واحتَمَلَ ألَّا يَضمَنَ؛ لأنَّ الظاهِرَ سَلامَتُه، وهذا ظاهِرُ كَلامِ أحمَدَ؛ لِكَونِه لَم يَذكُرِ الرَّهنَ (١).
(١) «المغني» (٤/ ١٦٧، ٢٠٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦، ٣٦٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٣)، و «الروض المربع» (٢/ ٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute