للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: المُحالُ له: وهو مَنْ له الدَّينُ: أي: هو الدائِنُ الذي يُحالُ بدَينِه لِيَستوفيَه مِنْ غيرِ مَدينِه، أي: هو الدائِنُ لِلمُحيلِ الذي أحالَه لِيَستوفيَ دَينَه مِنْ غَيرِه، ويُقالُ له أيضًا: المُحتالُ، أي: طالِبُ الإحالةِ.

اختَلَفَ الفُقهاءُ في المُحالِ له، وهو صاحِبُ الدَّينِ، هل يُشترَطُ رِضاه بالحَوالةِ أم لا؟

فذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ والظاهِريَّةُ إلى أنَّه لا يُعتبَرُ رِضاه إذا كان المُحالُ عليه مَليئًا ويُجبَرُ على اتِّباعِه لقَولِ النَّبيِّ : «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ: «وَمَنْ أُحِيلَ بِحَقِّهِ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» (١)، وهذا أمْرٌ، والأمْرُ لِلوُجوبِ، ولأنَّ لِلمُحيلِ أنْ يُوفِّيَ الحَقَّ الذي عليه بنَفْسِه وبوَكيلِه، وقد أقامَ المُحالُ عليه مَقامَ نَفْسِه في التَّقبيضِ، فلَزِمَ المُحالَ القَبولُ، كما لو وَكَّلَ رَجُلًا في إيفائِه.

وإنَّما خَصَّه بالمَليءِ حُكمًا لِلأغلَبِ؛ لأنَّ الأغلَبَ في الحَوالات ذلك؛ لأنَّه شَرطُ الجَوازِ.

والمَليءُ هو: مَنْ له القُدرةُ على الوَفاءِ وليس مُماطِلًا ويُمكِنُ حُضورُه لِمَجلِسِ الحُكمِ (٢).


(١) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤).
(٢) يُنظر: «المغني» (٥/ ٦٠) ط/ دار الفكر، و «الإنصاف» (٥/ ٢٢٧)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٥٠، ٤٥١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٠٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>