للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا حُرِّيَّةُ المُحيلِ فليست بشَرطٍ لِصِحَّةِ الحَوالةِ، وكذا الصِّحَّةُ ليست بشَرطٍ لِصِحَّةِ الحَوالةِ؛ لأنَّها مِنْ قِبَلِ المُحيلِ ليست بتَبرُّعٍ، فتَصحُّ مِنَ المَريضِ (١).

٢ - رِضا المُحيلِ: ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ في المَذهبِ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُشترَطُ في الحَوالةِ رِضا المُحيلِ حتى لو كان مُكرَهًا على الحَوالةِ لا تَصحُّ؛ لأنَّ الحَوالةَ إبراءٌ فيها مَعنى التَّمليكِ فتَفسُدُ بالإكراهِ كسائِرِ التَّمليكاتِ، لأنَّ لِلمُحيلِ إيفاءَ الحَقِّ مِنْ حيثُ شاءَ، ولا يَتعيَّنُ عليه شَيءٌ مِنَ الجِهاتِ، وفي صِحَّةِ الحَوالةِ بدونِ رِضاه يَتعيَّنُ ذلك عليه قَهرًا.

قال ابنُ قُدامةَ : ويُشترَطُ في صِحَّتِها رِضا المُحيلِ بلا خِلافٍ، فإنَّ الحَقَّ عليه، ولا يَتعيَّنُ عليه جِهةُ قَضائِه (٢).

وقال المازُوريُّ : أمَّا المُحيلُ فلا يَلزَمُه أنْ يُحيلَ، ولا يُجبَرُ على الحَوالةِ ولا خِلافَ في ذلك؛ لأنَّ الحُقوقَ مُتعلِّقةٌ بذِمَّتِه فلا يُجبَرُ على أنْ يَقبِضَها مِنْ ذِمَّة أُخرى، كما لو باعَ سِلعةً مُعيَّنةً فإنَّه لا يُجبَرُ على أنْ يُعطيَ غَيرَها، وإنْ كان مِثلَها أو أدْنى منها.

وكما لو أحضَرَ مالًا وَضَعَه بينَ يَدَيْه، فأرادَ أنْ يَقضيَ منه ما عليه، فقال


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٦).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>