للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النَّوَويُّ : وفي حَقيقةِ الحَوالةِ وَجهانِ: أحَدُهما: أنَّها استِيفاءُ حَقٍّ، كأنَّ المُحتالَ استَوفَى ما كان له على المُحيلِ وأقرَضَه المُحالَ عليه، إذ لو كانتْ مُعاوَضةً لَما جازَ فيها التَّفرُّقُ قبلَ القَبضِ إذا كانا رِبَويَّيْنِ.

وأصَحُّهما: أنَّها بَيعٌ، وهو المَنصوصُ؛ لأنَّها تَبديلُ مالٍ بمالٍ، وعلى هذا وَجهانِ: أحَدُهما: أنَّها بَيعُ عَينٍ بعَينٍ، وإلَّا يَبطُلْ؛ لِلنَّهيِ عن بَيعِ دَينٍ بدَينٍ.

والصَّحيحُ: أنَّها بَيعُ دَينٍ بدَينٍ، واستُثنيَ هذا لِلحاجةِ، قال الإمامُ وشَيخُه -رحمهما الله-: لا خِلافَ في اشتِمالِ الحَوالةِ على المَعنيَيْنِ: الاستِيفاءِ والاعتِياضِ، والخِلافُ في: أيُّهما أغلَبُ؟ (١).

وقال الدَّميريُّ : وفي حَقيقَتِها أوْجُهٌ، وقيلَ: قَولٌ ووَجهانِ.

الأظهَرُ المَنصوصُ: أنَّه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ جُوِّزَ لِلضَّرورةِ.

فعلى هذا: تَجوزُ الإقالةُ منها، كما صرَّح به الخُوارِزميُّ في (الكافي).

والآخَرُ: واختارَه الشَّيخُ وجَماعةُ: أنَّها استِيفاءُ حَقٍّ، كأنَّ المُحتالَ استَوفى ما كان له مِنَ الحَقِّ في ذِمَّةِ المُحيلِ، وأقرَضَه مِنَ المُحالِ عليه.

والثالِثُ: وهو اختيارُ القاضي والإمامِ ووالِدِه: أنَّها مَركَبةٌ مِنَ المُعاوَضةِ والاستِيفاءِ.

قال القاضي الطَبَريُّ : وليس لِهذا الخِلافِ فائِدةٌ إلا ثُبوتَ خيارِ المَجلِسِ إنْ قُلنا: بَيعٌ ثَبَتَ، وإلا فلا، وهو الأصَحُّ، وليس كذلك، بل له


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>