للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي الوُجوهِ الأربَعةِ يَصحُّ الصُّلحُ؛ لقَولِ اللهِ : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: ١٠]، وهذا خاصٌّ في صُلحِ المُتوسِّطِ.

ولقَولِه عَزَّ شَأنُه: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]، وهذا عامٌّ في جَميعِ أنواعِ الصُّلحِ؛ لِدُخولِ الألِفِ واللَّامِ على الصُّلحِ، وإنَّهما لاستِغراقِ الجِنسِ؛ ولأنَّه بالصُّلحِ في هذه الوُجوهِ مُتَصرِّفٌ على نَفْسِه بالتَّبرُّعِ بإسقاطِ الدَّينِ على الغَيرِ بالقَضاءِ مِنْ مالِ نَفْسِه إنْ كان الصُّلحُ عن إقرارٍ، وإنْ كان عن إنكارٍ بإسقاطِ الخُصومةِ، فيَصحُّ تَبرُّعُه، كما إذا تَبرَّعَ بقَضاءِ دَينِ غَيرِه مِنْ مالِ نَفْسِه ابتِداءً، ومَتى صَحَّ صُلحُه يَجبُ عليه تَسليمُ البَدَلِ في الوُجوهِ الثَّلاثةِ، وليس له أنْ يَرجِعَ على المُدَّعَى عليه؛ لأنَّ التَّبرُّعَ بقَضاءِ الدَّينِ لا يُطلِقُ الرُّجوعَ.

والخامِسُ: ألَّا يَفعَلَ شَيئًا مِنْ ذلك، بأنْ يَقولَ: «صالَحتُكَ على ألْفِ دِرهَمٍ، أو على عَبدٍ وَسَطٍ»، ولَم يَزِدْ عليه.

ففي هذا الوَجهِ يَكونُ الصُّلحُ مَوقوفًا على إجازةِ المُدَّعَى عليه؛ لأنَّ عندَ انعِدامِ الضَّمانِ والنِّسبةِ وتَعيينِ البَدَلِ والتَّمكينِ لا يُمكِنُ حَملُه على التَّبرُّعِ بقَضاءِ دَينِ غَيرِه مِنْ مالِ نَفْسِه، فلا يَكونُ مُتصَرِّفًا على نَفْسِه، بل على المُدَّعَى عليه، فيَقِفُ على إجازَتِه، فإنْ أجازَ نَفَذَ ويَجبُ البَدَلُ عليه دونَ المُصالَحِ؛ لأنَّ الإجازةَ اللَّاحِقةَ بمَنزِلةِ الوَكالةِ السابِقةِ.

ولو كان وَكيلًا مِنَ الابتِداءِ لَنَفَذَ تَصرُّفُه على مُوكِّلِه، فكذلك إذا التَحَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>