عَدَمِ التَّعجيلِ، فصارَ كأنَّه نَصَّ على هذا الشَّرطِ، فقال:«فإذا لَم تُعجِّلْ فلا صُلحَ بَينَنا».
ولو كان كذلك لَكانَ الأمْرُ على ما نَصَّ عليه، فكذا هذا.
وعندَ أبي يُوسُفَ: الصُّلحُ ماضٍ وعليه خَمسُمِئةٌ فَقَطْ، وَجْهُ قَولِه: إنْ شرَط التَّعجيلَ ما أفادَه شَيئًا لَم يَكُنْ مِنْ قَبلُ؛ لأنَّ التَّعجيلَ كان واجِبًا عليه بحُكمِ العَقدِ فكان ذِكرُه والسُّكوتُ عنه بمَنزِلةٍ واحِدةٍ، ولو سَكَتَ عنه لَكانَ الأمرُ على ما وَصَفْنا، فكذا هذا بخِلافِ ما إذا قال:«فإنْ لَم تَفعَلْ فكذا»؛ لأنَّ التَّنصيصَ على عَدَمِ الشَّرطِ نَفيٌ لِلمَشروطِ عندَ عَدَمِه فكان مُفيدًا.
وتَبيَّنَ بهذا أنَّ هذا تَعليقُ الفَسخِ بالشَّرطِ، لا تَعليقُ العَقدِ، كما إذا باعَ بألْفٍ على أنْ يَنقُدَ الثَّمَنَ إلى ثَلاثةِ أيَّامٍ فإنْ لَم يَنقُدْه فلا بَيعَ بَينَهما، وذلك جائِزٌ لِدُخولِ الشَّرطِ على الفَسخِ، لا على العَقدِ، فكذا هذا.
وكذلك لو أخَذَ منه كَفيلًا وشرَط على الكَفيلِ أنَّه إنْ لَم يُوَفِّه خَمسَمِئةٍ إلى رأسِ الشَّهرِ فعليه كلُّ المالِ وهو الألْفُ، فهو جائِزٌ، والألْفُ لَازِمةٌ لِلكَفيلِ إنْ لَم يُوَفِّه؛ لأنَّه جعَل عَدَمَ إيفاءِ خَمسِمِئةٍ إلى رأسِ الشَّهرِ شَرطًا لِلكَفالةِ بألْفٍ، فإذا وُجِدَ الشَّرطُ ثَبَتَ المَشروطُ، ولو ضمِن الكَفيلُ الألفَ ثم قال:«حَطَطتُ عَنْكَ خَمسَمِئةٍ على أنْ تُوَفِّيَني رأسَ الشَّهرِ خَمسَمِئةٍ فإنْ لَم تَفعَلْ فالألْفُ عليكَ»، فهذا أوثَقُ مِنَ البابِ الأوَّلِ؛ لأنَّ هذا هنا علَّق الحَطَّ بشَرطِ التَّعجيلِ، وهو إيفاءُ خَمسِمِئةٍ رأسَ الشَّهرِ، وجعَل عَدَمَ هذا الشَّرطِ شَرطًا؛ لانفِساخِ الحَطِّ، وفي البابِ الأوَّلِ جُعِلَ عَدَمُ التَّعجيلِ شَرطًا