للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يَعتَرِفَ بالدَّراهِمِ ويُصالِحَه بدَنانيرَ مُؤجَّلةٍ أو بدَراهِمَ أكثَرَ مِنْ دَراهِمِه، حَكى ابنُ رُشدٍ الاتِّفاقَ على فَسادِه، ويُفسَخُ لِما فيه مِنَ السَّلَفِ بزيادةٍ والصَّرفِ المُؤَخَّرِ.

ومِثالُ ما يَمتَنِعُ على دَعوى المُدَّعِي وَحدَه: أنْ يَدَّعيَ عليه بعَشَرةِ دَنانيرَ فيُنكِرَها ثم يُصالِحَه على مِئةِ دِرهَمٍ إلى أجَلٍ، فهذا مُمتنِعٌ على دَعوى المُدَّعِي وَحدَه لِلصَّرفِ المُؤخَّرِ، ويَجوزُ على إنكارِ المُدَّعِي عليه؛ لأنَّه إنَّما صالَحَه على الافتِداءِ مِنَ اليَمينِ الواجِبةِ عليه، وهو مُمتنِعٌ عندَ مالِكٍ و ابنِ القاسِمِ، وأجازَه أصبَغُ؛ إذْ لَم تَتَّفِقْ دَعواهما على فَسادٍ.

ومِثالُ ما يُمنَعُ على دَعوى المُدَّعَى عليه وَحدَه: أنْ يَدَّعيَ بعَشَرةِ أرادِبَ قَمحًا مِنْ قَرضٍ، وقال الآخَرُ: إنَّما لكَ علَيَّ خَمسةٌ مِنْ سَلَمٍ، وأرادَ أنْ يُصالِحَه على دَراهِمَ ونَحوِها مُعجَّلةً، فهذا جائِزٌ على دَعوى المُدَّعي؛ لأنَّ طَعامَ القَرضِ يَجوزُ بَيعُه قبلَ قَبضِه، ويَمتنِعُ على دَعوى المُدَّعَى عليه لِعَدَمِ جَوازِ بَيعِ طَعامِ السَّلَمِ قبلَ قَبضِه، فهذا مُمتنِعٌ عندَ مالِكٍ وابنِ القاسِمِ (١).

والنَّوعُ الثالِثُ: الصُّلحُ مع سُكوتِ المُدَّعَى عليه: وذلك كما إذا ادَّعى شَخصٌ على آخَرَ شَيئًا فسَكَت المُدَّعَى عليه دونَ أنْ يُقِرَّ أو يُنكِرَ، ثم صالَحَ عنه لِيُخلِّصَ نَفْسَه مِنَ الخِصامِ.


(١) يُنظر: «تحبير المختصر» (٤/ ١٨٢)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٠٧، ٥٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤، ٥)، و «بلغة السالك» (٣/ ٢٦٠، ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>