للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدَلَّ الأصحابُ لِلمَنعِ مِنْ ذلك إذا جَرى بالشَّرطِ بأنَّه يُضارِعُ رِبا الجاهِليَّةِ … فقاسَ الأصحابُ النَّقصَ على الزِّيادةِ (١).

النَّوعُ الثاني: صُلحٌ مع الإنكارِ، أي: مع إنكارِه، وصُورَتُه: أنْ يَدَّعيَ إنسانٌ على آخَرَ حَقًّا مِنْ دَينٍ -كألْفِ دِرهَمٍ مَثَلًا-، أو عَينٍ -كسَجَّادةٍ أو دارٍ- فلا يُقِرَّ المُدَّعَى عليه بذلك ويُنكِرَ أنَّ لِلمُدَّعِي حَقًّا عليه، ثم يَطلُبَ مِنَ المُدَّعِي أنْ يُصالِحَه على ما ادَّعاه، فيَدفَعَ إلى المُدَّعِي شَيئًا افتِداءً لِيَمينِه وقَطعًا لِلخُصومةِ وصيانةً لِنَفْسِه عن التَّبذُّلِ بالمُخاصَمةِ في مَجالِسِ القَضاءِ.

وهذا الصُّلحُ اختَلَف الفُقهاءُ فيه، هل هو صَحيحٌ أم باطِلٌ؟

فذهَب الشافِعيَّةُ وأحمدُ في رِوايةٍ والظاهِريَّةُ إلى أنَّ الصُّلحَ مع الإنكارِ باطِلٌ، فلَو ادَّعى رَجُلٌ على رَجُلٍ حَقًّا فصالَحَه مِنْ دَعواه وهو مُنكِرٌ فالصُّلحُ باطِلٌ ويَرجِعُ المُدَّعِي على دَعواه، ويأخُذُ منه صاحِبُه ما أعطاه؛ لقَولِ اللهِ : ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨]، والصُّلحُ على الإنكارِ مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ؛ لأنَّه لَم يَثبُتْ له حَقٌّ يَجوزُ أنْ يُعاوِضَ عليه.


(١) «فتاوى السبكي» (١/ ٣٤٠، ٣٤١). يُنظر: «المبسوط» (٢١/ ٣١)، و «شرح ابن بطال» (٨/ ١٠٣)، و «الكافي» (١/ ٣٢٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٠٨)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ٤١٠)، و «القوانين الفقهية» (١٦٧)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٠٥)، و «حاشية الصاوي» (٧/ ٣٩٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٩٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٤٤)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٣٨)، و «الديباج» (٢/ ٢٥٤)، و «إغاثة اللهفان» (٢/ ١١/ ١٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٤)، و «الفروع» (٤/ ٢٠١)، و «المبدع» (٤/ ٢٧٩)، «الإنصاف» (٥/ ٢٣٦)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٨، ٣٩)، و «منار السبيل» (٢/ ١٢٤، ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>