للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَجْرِ عنه، نَصَّ عليه أحمدُ، وهو قَولُ مالِكٍ ومُحمدِ بنِ الحَسنِ والثَّوريِّ والشافِعيِّ في قَولٍ، وقال في الآخَرِ: يُشارِكُهم، واختارَه ابنُ المُنذرِ؛ لأنَّه دَينٌ ثابِتٌ مُضافٌ إلى ما قبلَ الحَجْرِ، فيُشارِكُ صاحِبُه الغُرَماءَ كما لو ثَبَتَ ببَيِّنةٍ.

ولنا: أنَّه مَحجورٌ عليه، فلَم يَصحَّ إقرارُه فيما حُجِرَ عليه فيه، كالسَّفيهِ أو كالراهِنِ يُقِرُّ على الرَّهنِ؛ ولأنَّه إقرارٌ يُبطِلُ ثُبوتُه حَقَّ غيرِ المُقِرِّ، فلَم يُقبَلْ، أو إقرارٌ على الغُرَماءِ، فلَم يُقبَلْ كإقرارِ الراهِنِ؛ ولأنَّه مُتَّهَمٌ في إقرارِه، فهو كالإقرارِ على غَيرِه، وفارَقَ البَيِّنةَ، فإنَّه لا تُهمةَ في حَقِّها، ولو كان المُفلِسُ صانِعًا -كالقَصَّارِ والحائِكِ- في يَدَيْهِ مَتاعٌ فأقَرَّ به لِأربابِه لَم يُقبَلْ إقرارُه، والقَولُ فيها كالتي قَبلَها، وتُباعُ العَينُ التي في يَدَيْه وتُقَسَّمُ بينَ الغُرَماءِ، وتَكونُ قيمَتُها واجِبةً على المُفلِسِ إذا قَدَرَ عليها؛ لأنَّها صُرِفتْ في دَينِه بسَبَبٍ مِنْ جِهَتِه، فكانَتْ قيمَتُها عليه، كما لو أذِنَ في ذلك، وإنْ تَوجَّهتْ على المُفلِسِ يَمينٌ فنَكَلَ عنها فقُضيَ عليه فحُكمُه حُكمُ إقرارِه، يَلزَمُ في حَقِّه ولا يُحاصِصُ الغُرَماءَ (١).

وقال البُهوتيُّ : وتَصرُّفُ المُفلِسِ في مالِه قبلَ الحَجْرِ عليه صَحيحٌ نَصًّا، ولو استَغرَقَ دَينُه جَميعَ مالِه؛ لأنَّه رَشيدٌ غيرُ مَحجورٍ عليه، ولأنَّ سَبَبَ المَنعِ الحَجْرُ، فلا يَتقدَّمُ سَبَبَه، ويَحرُمُ إنْ أضَرَّ بغَريمِه، ذَكَرَه الآمِديُّ البَغداديُّ (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٦٤).
(٢) «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>