للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُحجَرُ بطَلَبِ المُفلِسِ، ولو بوَكيلِه في الأصَحِّ؛ لأنَّ له فيه غَرَضًا ظاهِرًا، وهو صَرفُ مالِه إلى دُيونِه، ورُويَ أنَّ الحَجْرَ على مُعاذٍ كان بالتِماسٍ منه.

وصُورَتُه أنَّه يَثبُتُ الدَّينُ بدَعوى الغُرَماءِ والبَيِّنةِ أو الإقرارِ أو عِلمِ القاضي وطَلَبِ المَدينِ الحَجْرَ دونَ الغُرَماءِ، وإلا لَم يَكُنْ له طَلَبُه.

ومُقابِلُ الأصَحِّ: لا يُحجَرُ؛ لأنَّ الحَقَّ لَهم في ذلك، والحَجْرُ يُنافي الحُرِّيَّةَ والرُّشدَ؛ وإنَّما حُجِرَ بطَلَبِ الغُرَماءِ لِلضَّرورةِ؛ فإنَّهم لا يَتمَكَّنونَ مِنْ تَحصيلِ مَقصودِهم إلا بالحَجْرِ؛ خَشيةَ الضَّياعِ، بخِلافِه فإنَّ غَرَضَه الوَفاءُ، وهو مُتمكِّنٌ منه ببَيعِ أموالِه وقَسْمِها على غُرَمائهِ.

فإذا حُجِرَ عليه بطَلَبٍ أو بدونِه تَعلَّقَ حَقُّ الغُرَماءِ بمالِه؛ كالرَّهنِ -عَينًا كان أو دَينًا أو مَنفَعةً- حتى لا يَنفُذَ تَصرُّفُه فيه بما يَضُرُّهم، ولا تُزاحِمَهم فيه الدُّيونُ الحادِثةُ.

وخرَج بحَقِّ الغُرماءِ حَقُّ اللهِ ، كزَكاةٍ ونَذْرٍ وكَفَّارةٍ، فلا تَتعلَّقُ بمالِ المُفلِسِ.

ويُشهِدُ الحاكِمُ نَدبًا -وقيلَ: وُجوبًا- على حَجْرِه، وأشهَرُه بالنِّداءِ عليه لِيُحذَرَ مِنْ مُعامَلَتِه، فيَأمُرُ مُناديًا يُنادي في البَلَدِ أنَّ الحاكِمَ حَجَرَ على فُلانِ بنِ فُلانٍ.

ولو تَصرَّفَ تَصرُّفًا مالِيًّا مُفوِّتًا في الحياةِ -كأنْ باعَ أو اشتَرى بالعَينِ أو وَهَبَ أو أعتَقَ أو أجَّرَ أو وَقَفَ أو كاتَبَ- ففي قَولٍ: يُوقَفُ تَصرُّفُه

<<  <  ج: ص:  >  >>