للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَبيعُ الوَصيُّ العَقارَ الذي لِمَحجورِه إلا لِسَبَبٍ يَقتَضي بَيعَه، وبَيِّنةٍ لِلتُّهمةِ، بأنْ يَشهَدَ العُدولُ أنَّه إنَّما باعَه لِكذا، أمَّا الذِّكْرُ باللِّسانِ دونَ بَيِّنةٍ فلا يَظهَرُ له كَبيرُ فائِدةٍ؛ إذْ ما مِنْ وَصيٍّ يُريدُ تَفويتَ رِيعَ اليَتيمِ إلا ذَكَرَ بلِسانِه ما شاءَ مِنَ الأسبابِ، وذلك مُتَأتٍّ لكلِّ أحَدٍ بلا كُلفةٍ أصلًا.

وليس لِلوَصيِّ أنْ يَهَبَ شَيئًا مِنْ مالِ مَحجورِه لِلثَّوابِ بخِلافِ الأبِ؛ لأنَّ هِبةَ الثَّوابِ إذا فاتَتْ بيَدِ المَوهوبِ لَم يَلزَمْه إلا القيمةُ، والوَصيُّ كالحاكِمِ فليس له البَيعُ بالقيمةِ إلا لِضَرورةٍ، بخِلافِ الأبِ.

ثم الحاكِمُ يَليهما عندَ فَقدِهما، أي: الأبِ ووَصيِّه، فإنْ لَم يَكُنْ له أبٌ ولا وَصيٌّ فالحاكِمُ حينَئذٍ هو الناظِرُ في أحوالِه، أو يُقيمُ مَنْ يَنْظُرُ له في ذلك، وكذا لِمَنْ طَرَأ عليه الجُنونُ أو السَّفَهُ بعدَ رُشدِه، ولا يَكونُ الرُّشدُ إلا بعدَ البُلوغِ؛ لأنَّ الرُّشدَ بُلُوغٌ وحُسْنُ تَصرُّفٍ.

ويَجوزُ لِلحاكِمِ أنْ يَبيعَ مالَ اليَتيمِ بالشُّروطِ التاليةِ:

الشَّرطُ الأوَّلُ: أنْ تَدعوَ إليه الضَّرورةُ، كالنَّفَقةِ ووَفاءِ الدَّينِ ونَحوِهما، وإلا لَم يَجُزِ البَيعُ؛ لأنَّه تَفويتٌ لِغَيرِ مَصلَحةٍ.

الشَّرطُ الثاني: ثُبوتُ يُتْمِ المَحجورِ عليه؛ لِاحتِمالِ وُجودِ أبيه.

الشَّرطُ الثالِثُ: ثُبوتُ إهمالِه، أي: خُلُوُّه عن وَصيٍّ أو مُقدِّمٍ.

الشَّرطُ الرابِعُ: ثُبوتُ مِلكِ اليَتيمِ لِما يُرادُ بَيعُه؛ لِاحتِمالِ أنْ يَبيعَ ما ليس له، ومِثلُه السَّفيهُ والمَجنونُ، فلا يَبيعُ لَهما الحاكِمُ إلا بتلك الشُّروطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>