للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النَّوويُّ : وقالَ مالِكٌ في المَشهورِ عنه: يَمسحُ بلا تَوقيتٍ، وهو قَولٌ قَديمٌ ضَعيفٌ للشافِعيِّ، واحتَجُّوا بحَديثِ ابنِ أبي عِمارةَ (بكَسرِ العَينِ) في تَركِ التَّوقيتِ، رواه أبو داودَ وغيرُه، وهو حَديثٌ ضَعيفٌ باتِّفاقِ أهلِ الحَديثِ (١).

وقالَ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ : وأمَّا حَديثُ أبي عِمارةَ … لو ثبَتَ كانَ قَولُه: «وما شِئتَ» على أنَّه يَمسحُ بالثَّلاثِ ما شاءَ، وغيرُ جائِزٍ الاعتِراضُ على أَخبارِ التَّوقيتِ بمِثلِ هذه الأخبارِ الشاذةِ المُحتمِلةِ للمَعاني مع استِفاضةِ الرِّوايةِ عن النَّبيِّ بالتَّوقيتِ؛ فإنْ قيلَ: لمَّا جازَ المَسحُ وجَبَ أنْ يَكونَ غيرَ مُؤقَّتٍ كمَسحِ الرأسِ. قيلَ له: لا حَظَّ للنَّظرِ مع الأثَرِ؛ فإنْ كانَت أَخبارُ التَّوقيتِ ثابِتةً فالنَّظرُ معها ساقِطٌ وإنْ كانَت غيرَ ثابِتةٍ فالكَلامُ حينَئذٍ يَنبَغي أنْ يَكونَ في إِثباتِها وقد ثبَتَ التَّوقيتُ بالأَخبارِ المُستفيضةِ من حيثُ لا يُمكنُ دَفعُها.

وأيضًا فإنَّ الفَرقَ بينَهما ظاهِرٌ من طَريقِ النَّظرِ، وهو أنَّ مَسحَ الرأسِ هو المَفروضُ في نَفسِه، وليسَ ببَدلٍ عن غيرِه، والمَسحُ على الخُفَّينِ بَدلٌ عن الغُسلِ مع إِمكانِه من غيرِ ضَرورةٍ، فلم يَجزْ إثباتُه بَدلًا إلا في المِقدارِ الذي ورَدَ به التَّوقيتُ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٤٥).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>