كما لا يَثبُتُ الحَجْرُ عليه إلا به؛ لأنَّ الحَجْرَ عليه يَفتَقِرُ إلى حاكِمٍ، وكذلك فَكُّه؛ لأنَّه حَجْرٌ ثَبَتَ بحُكمِه؛ فلَم يَزُلْ إلا به.
ولأنَّ الرُّشدَ يَحتاجُ إلى تأمُّلٍ واجتِهادٍ في مَعرِفتِه وزَوالِ تَبذيرِه، فكانَ كابتِداءِ الحَجْرِ عليه، وفارَقَ الصَّبيَّ والمَجنونَ فإنَّ الحَجْرَ عليهما بغَيرِ حُكمِ حاكِمٍ؛ فيَزولُ بغَيرِ حُكمِه.
وذهَب مُحمدُ بنُ الحَسنِ مِنَ الحَنفيَّةِ وبَعضُ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ في رِوايةٍ إلى أنَّ الحَجْرَ يَنفَكُّ بزَوالِ السَّفَهِ، فيَذهَبُ عنه الحَجْرُ بالإصلاحِ نَفْسِه في مالِه، ولا يُشترَطُ حُكمُ الحاكِمِ؛ لأننا لو وَقَفْنا تَصرُّفَ الناسِ على الحاكِمِ كان أكثَرُ الناسِ مَحجورًا عليهم.
قال القَرافيُّ ﵀: قال مالِكٌ ﵀: ولا يَتوَلَّى الحَجْرَ إلا القاضي، دونَ صاحِبِ الشُّرطةِ؛ لأنَّه أمرٌ مُختلَفٌ فيه؛ فيَحتاجُ إلى اجتِهادٍ في الاختبارِ، ومَن أرادَ الحَجْرَ على وَلَدِه أتى به الإمامُ لِيَحجُرَ عليه ويُشهِرَه في الأسواقِ والجامِعِ، ويُشهِدَ على ذلك، فمَن عامَله بعدَ ذلك فهو مَردودٌ، قال بَعضُ البَغداديِّينَ: ولا يَزولُ الحَجْرُ عن مَحجورٍ عليه بحُكمٍ أو بغَيرِ حُكمٍ إلا بحُكمِ حاكِمٍ؛ لِلحاجةِ لِلاختِبارِ وتَحقُّقِ إبطالِ سَبَبِ الحَجرِ.
وفي الجَواهِرِ: يَزولُ الحَجْرُ عن المُبذِّرِ إذا عُرِفَ منه زَوالُ ذلك (١).