للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الغُسلَ أفضَلُ من المَسحِ؛ لأنَّ المُفترَضَ في كِتابِ اللهِ تَعالى هو الغَسلُ، والمَسحُ رُخصةٌ، فالغاسِلُ لرِجلَيه مُؤدٍّ لمَا افتَرَض اللهُ عليه، والماسِحُ على خُفَّيه فاعِلٌ لمَا أُبيحَ له (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَسحَ أفضَلُ؛ لأنَّه رُخصةٌ من الشارِعِ؛ فإنَّ النَّبيَّ قالَ: «إنَّ اللهَ يُحبُّ أنْ تُؤتَى رُخصُه كما يُحبُّ أنْ تُؤتَى عَزائِمُه» (٢)، ولأنَّ فيه مُخالَفةَ أهلِ البِدعِ.

وعن الإمامِ أحمدَ: أنَّهما سَواءٌ في الفَضيلةِ (٣).

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وفَصلُ الخِطابِ أنَّ الأفضَلَ في حَقِّ كُلِّ واحِدٍ ما هو المُوافِقُ لحالِ قَدمِه، فالأفضَلُ لمَن قَدَماه مَكشوفَتانِ غَسلُهما، ولا يَتحرَّ لُبسَ الخُفِّ ليَمسحَ عليه، كما كانَ يَغسلُ قَدَمَيه إذا كانَتا مَكشوفَتَين ويَمسحُ قَدَمَيه إذا كان لابِسًا للخُفِّ (٤).


(١) «رد المحتار» (١/ ٤٤١)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٠٥)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٣٦)، و «المغني» (١/ ٣٦٠)، و «الإنصاف» (١/ ١٦٩)، و «الأوسط» (١/ ٤٧٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان في «موارد الظمآن» (١/ ٢٢٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ١٤٠)، وغيرهما من حَديثِ ابن عمرَ .
(٣) «المغني» (١/ ٣٦٠)، و «الإنصاف» (١/ ١٦٩).
(٤) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٣٩٠)، و «الاختيارات الفقهية» ص (١/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>