المُرتَهَنُ بدَينِه كان لِلراهِنِ ألَّا يَدفَعَ حتى يُحضِرَه المُرتَهَنُ؛ لأنَّ البَدَلَ قائِمٌ مَقامَ المُبدَلِ، فكان المُبدَلُ قائِمًا، ولو كان قائمًا كان له أنْ يَمنَعَ ما لَم يُحضِرْه المُرتَهَنُ، فكذلك إذا قامَ البَدَلُ مَقامَه.
ولو كان الرَّهنُ على يَدَيْ عَدلٍ، وجَعَلا لِلعَدلِ أنْ يَضَعَه عندَ مَنْ أحَبَّ، وقد وَضَعَه عندَ رَجُلٍ فطَلَبَ المُرتَهَنُ دَينَه يُجبَرُ الراهِنُ على قَضاءِ الدَّينِ، ولا يُكلَّفُ المُرتَهَنُ بإحضارِ الرهنِ؛ لأنَّ قَضاءَ الدَّينِ واجِبٌ على الراهِنِ على سَبيلِ التَّضييقِ، إلا أنَّه رُخِّصَ له التأخيرُ إلى غايةِ إحضارِ الدَّينِ عندَ القُدرةِ على الإحضارِ، وهنا لا قُدرةَ لِلمُرتَهَنِ على إحضارِه؛ لأنَّ لِلعَدلِ أنْ يَمنَعَه عنه، ولو أُخِذَ مِنْ يَدِه جَبرًا كان غاصِبًا.
وإلى هذا المَعنى أشارَ مُحمدٌ في الكِتابِ، فقال: كيف يُؤمَرُ بإحضارِ شَيءٍ لو أخَذَه كان غاصِبًا، وإذا سَقَط التَّكليفُ بالإحضارِ زالَتِ الرُّخصةُ، ويُخاطَبُ بقَضاءِ الدَّينِ.
وكذلك إذا وَضَعا الرَّهنَ على يَدِ عَدلٍ فغابَ بالرَّهنِ ولا يُدرَى أين هو، لا يُكلَّفُ المُرتَهَنُ بإحضارِ الرَّهنِ، ويُجبَرُ الراهِنُ على قَضاءِ الدَّينِ؛ لِما ذَكَرْنا (١).