للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه -كثَمَرِ النَّخلِ والصُّوفِ واللَّبنِ- أم غيرَ مُتولَّدٍ، كأُجرةِ العَقارِ والدَّوابِّ وما أشبَهَ ذلك.

وذلك أنَّ الوَلَدَ حُكمُه حُكمُ أُمِّه في البَيعِ، أي: هو تابِعٌ لها، والفَرقُ بينَ الثَّمَرِ والوَلَدِ في ذلك السُّنَّةُ المُفرِقةُ في ذلك، وذلك أنَّ الثَّمَرَ لا يَتبَعُ بَيعَ الأصلِ إلا بالشَّرطِ، ووَلَدَ الجاريةِ يَتبَعُ بغَيرِ شَرطٍ (١).

وذهَب الشافِعيَّةُ إلى أنَّ نَماءَ الرَّهنِ المُنفصِلِ لا يَدخُلُ شَيءٌ منه في الرَّهنِ، أي: الذي يَحدُثُ منه في يَدِ المُرتَهَنِ، ويَكونُ لِلْراهِنِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ» (٢)، ووَجهُ الدَّليلِ مِنْ ذلك أنَّه لَم يُرِدْ بقَولِه: (مَركوبٌ ومَحلوبٌ) أنْ يَركَبَه الراهِنُ ويَحلُبَه؛ لأنَّه قد يَكونُ غيرَ مَقبوضٍ، وذلك مُناقِضٌ لِكَونِه رَهنًا، فإنَّ الرَّهنَ مِنْ شَرطِه القَبضُ، ولا يَصحُّ أنْ يَكونَ مَعناه أنَّ المُرتَهَنَ يَحلُبُه ويَركَبُه، فلَم يَبْقَ إلا أنْ يَكونَ المَعنى في ذلك أنَّ أُجرةَ ظَهرِه لِرَبِّه، ونَفَقَتَه عليه؛ لقَولِ النَّبيِّ : «لا يَغْلَقُ الرَّهنُ، الرَّهنُ لِمَنْ رهَنهُ، له غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (٣)، فجَعَل غُنمَ الرَّهنِ مِلكًا لِلراهِنِ على الإطلاقِ، ودُخولُه في الرَّهنِ يَمنَعُ مِنْ إطلاقِه؛ ولأنَّها عَينٌ مِنْ أعيانِ مِلكِ الراهِنِ لَم يُعقَدْ عليها عَقدُ رَهنٍ، فلَم تَكُنْ رَهنًا كسائِرِ مالِه.


(١) «الإشراف» (٣/ ٢٣، ٢٤) رقم (٨٨٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٧، ٢٠٨)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه البيهقي في «الكبرى» (١٠٩٨٩، ١٠٩٩٠)، والدارقطني (٢٩٦٩).
(٣) تقدَّم تخريجُه، ورُوي مُرسلًا ومتَّصلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>