وقال الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في القَولِ الثاني: لا يَصحُّ البَيعُ؛ لأنَّه بَيعٌ لَم يُؤذَنْ له فيه، فأشبَهَ ما لو خالَفَ في النَّقدِ.
وقال الشافِعيَّةُ: لو باعَ بثَمَنِ المِثلِ وزادَ راغِبٌ قبلَ انقِضاءِ الخيارِ - خيارِ المَجلِس أو خيارِ الشَّرطِ- فليَفسَخِ البَيعَ ولْيَبِعْه له، فإذا لَم يَفعَلْ فوَجهانِ:
أحَدُهما: لا يَنفسِخُ البَيعُ؛ لأنَّ الزِّيادةَ غيرُ مَوثوقٍ بها.
وأصَحُّهما: الانفِساخُ؛ لأنَّ المَجلِسَ كحالِ العَقدِ، فعلى هذا لو بدا لِلراغِبِ قبلَ التَّمكُّنِ مِنْ بَيعِه فالبَيعُ الأوَّلُ بحالِه، وإنْ كان بَعدَه بطَل ولا بُدَّ مِنْ عَقدٍ جَديدٍ مِنْ غيرِ افتِقارٍ إلى إذْنٍ جَديدٍ إنْ كان الخيارُ لَهما أو لِلبائِعِ؛ لِعَدَمِ انتِقالِ المِلكِ؛ وإلا فلا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَديدٍ (١).
وأمَّا الحَنفيَّةُ فاختَلَفوا فقالوا: إنْ كان العَدلُ مُسلَّطًا على البَيعِ وإيفاءِ الدَّينِ منه، فيَجوزُ بَيعُه عندَ أبي حَنيفةَ بما عَزَّ وهانَ مِنَ الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ أو غَيرِها وبأيَّ ثَمَنٍ كان كالوَكيلِ بالبَيعِ المُطلَقِ، فإنْ باعه بجِنسِ الدَّينِ فإنَّه يَقضي ثَمَنَه عن الدَّينِ، وإنْ باعَه بخِلافِ جِنسِه فإنَّه يَبيعُه أيضًا بجِنسِ الدَّينِ ويُوفِّي الدَّينَ؛ لأنَّه مُسلَّطٌ على ذلك.
وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ: يَبيعُه بالنَّقدِ أو أقَلَّ بقَدرِ ما يُتغابَنُ فيه، فإنْ
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٣٠٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٦٠، ٦١)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٣١٨، ٣١٩)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٢٥)، و «الديباج» (٢/ ١٩٤)، و «المغني» (٤/ ٢٣٣).