للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَهنِ المَجهولِ؛ لأنَّه لا يَصحُّ بَيعُه، وما لا يَجوزُ بَيعُه مِنَ المَجهولِ لا يَجوزُ رَهنُه؛ لأنَّ الصِّفاتِ مَقصودةٌ في الرَّهنِ لِلوَفاءِ بالدَّينِ، كما أنَّها مَقصودةٌ في البَيعِ لِلوَفاءِ بالثَّمنِ، فإذا لَم يَجُزْ بَيعُ المَجهولِ وَجَب ألَّا يَجوزَ رَهنُ المَجهولِ (١).

وكذا لا يَصحُّ رَهنُ مَعجوزِ التَّسليمِ، ونَحوُ ذلك مما لا يَجوزُ بَيعُه، والأصلُ فيه أنَّ كُلَّ ما لا يَجوزُ بَيعُه لا يَجوزُ رَهنُه (٢).

فلو قال: رَهَنتُكَ هذا الجِرابَ أو البَيتَ أو الخَريطةَ بما فيها لا يَصحُّ؛ لأنَّه مَجهولٌ، وإنْ لَم يَقُلْ بما فيها صَحَّ رَهنُها لِلعِلمِ بها، إلا أنْ يَكونَ ذلك مما لا قيمةَ له، كالجِرابِ الخَلَقِ ونَحوِه، ولو قال: رَهَنتُكَ أحَدَ هذَيْنِ العَبدَيْنِ لَم يَصحَّ؛ لِعَدَمِ التَّعيينِ، وفي الجُملةِ يُعتبَرُ لِلعِلمِ في الرَّهنِ ما يُعتبَرُ في البَيعِ.

وكذلك القُدرةُ على التَّسليمِ، فلا يَصحُّ رَهنُ الآبِقِ ولا الجَمَلِ الشارِدِ ولا غيرِ مَملوكٍ (٣).

وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ رَهنُ المَجهولِ ما لَم يَكُنْ في أصلِ عَقدِ البَيعِ؛ لِتَركِ البائِعِ جُزءًا مِنَ الثَّمَنِ لِأجْلِه (٤).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٣٧).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٠٩).
(٣) «المغني» (٤/ ٢٢٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٠٨، ٤٠٩).
(٤) «الذخيرة» (٨/ ٨٥)، وقالَ المَازريُّ في «شرح التلقين» (٢/ ٣/ ٣٤٨، ٣٥١) بعدَ أن ذكَر الخِلافَ في المَسألةِ: وَسببُ هذا الاختِلافِ أنَّه تقرَّر أن المَبيعَ مِنْ شرطِه أن يَكونَ مَعلومًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>