للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافِعيَّةُ: وإذا استَعارَ شَيئًا لِيَرهَنَه بدَينٍ فتلِف في يَدِ المُرتَهَنِ بعدَ رَهنِه، فلا ضَمانَ على المُرتَهَنِ بحالٍ؛ لأنَّه أمينٌ، ولَم يَسقُطِ الحَقُّ عن ذِمَّةِ الراهِنِ.

وإنْ تلِف في يَدِ الراهِنِ ضمِن؛ لأنَّه الآنَ مُستَعيرٌ (١).

وقال الحَنابِلةُ: متى حَلَّ الحَقُّ فلَم يَقبِضْه فلِلمُرتَهَنِ بَيعُ الرَّهنِ واستِيفاءُ الدَّينِ مِنْ ثَمَنِه، ويَرجِعُ المُعيرُ على الراهِنِ بالضَّمانِ وهو قيمةُ العَينِ المُستَعارةِ أو مِثلُها إنْ كانتْ مِنْ ذَواتِ الأمثالِ، ولا يَرجِعُ بما بَيعَتْ به سَواءٌ بِيعتْ بأقَلَّ مِنَ القيمةِ أو بأكثَرَ في أحَدِ الوَجهَيْنِ.

قال ابنُ قُدامةَ : والصَّحيحُ أنَّها إنْ بِيعتْ بأقَلَّ مِنْ قيمَتِها رَجَع بالقيمةِ؛ لأنَّ العاريةَ مَضمونةٌ، فيَضمَنُ نَقصَ ثَمَنِها، وإنْ بِيعتْ بأكثَرَ رجَع


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «الديباج» (٢/ ١٨٠)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٠٢)، و «السراج الوهاج» (٢٥٣)، ويُوجدُ خِلافٌ عندَ الشافعِيَّةِ فيما إذا استَعارَ شَيئًا لِيرهَنه هَلْ يَبقَى على حُكمِ العاريةِ أم أنَّه ضَمانُ دَينٍ في رَقبةِ ذلك الشَّيءِ على قَولينِ، الأولُ: أنَّه عاريةٌ أي باقٍ عليها لَم يَخرجْ عنها مِنْ جِهةِ المُعيرِ إلى ضَمانِ الدَّينِ في ذلك الشَّيءِ وإن كانَ يُباعُ فيه كمَا سَيأتي.
والأظْهرُ أنَّه ضَمانُ دَينٍ مِنَ المُعيرِ في رَقبةِ ذلك الشَّيءِ المَرهونِ؛ لأنَّه كمَا يَملكُ أن يُلْزِمَ ذمَّته دَين غيرِه فَينبَغي أن يَملكَ إِلزامَ ذلك عَين مَالِه؛ لأنَّ كُلَّا منهما مَحلُّ حقِّه وتصرُّفِه فعُلِم أنَّه لا تَعلَّق لِلدَّينِ بذِمَّته حتى لَو ماتَ لَم يحلَّ الدَّينُ، ولو تلِف المَرهونُ لَم يلْزَمه الأداءُ فيُشترَط على هذا ذِكرُ جِنسِ الدَّينِ وقدرُه وصفتُه، وكذا المَرهونُ عندَه فيُشترطُ ذكرُه في الأصحِّ، والثاني: لا يُشترطُ لِضعفِ الغَرضِ فيه.
ولا يُشترطُ شَيءٌ ممَّا ذُكر على قولِ العارِيةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>