للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُتصرِّفَ بإذْنٍ يَتقيَّدُ تَصرُّفُه بقَدْرِ الإذْنِ، والإذْنُ لَم يَتناوَلِ الزِّيادةَ، فلم يَكُنْ له أنْ يَرهَنَ بالأكثَرِ ولا بالأقَلِّ أيضًا؛ لأنَّ المَرهونَ مَضمونٌ، ولأنَّ المالِكَ إنَّما جعَله مَضمونًا بالقَدْرِ، وقد يَكونُ له في ذلك غَرَضٌ صَحيحٌ، فكان التَّقييدُ به مُفيدًا.

وقال الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: يَصحُّ؛ لأنَّ مَنْ أجازَ له الرَّهنَ بالأكثَرِ جازَ له الرَّهنُ بالأقَلِّ.

فإنْ أُطلِقَ الرَّهنُ في الإذْنِ مِنْ غيرِ تَعيينِ شَيءٍ مِنْ هذا اختَلَف الفُقهاءُ فيه هل يَجوزُ له أنْ يَرهَنَه كما يَشاءُ أو لا؟

فقال الشافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ: يُشترَطُ ذِكرُ قَدرِ الدَّينِ وجِنسِه وصِفَتِه وحُلولِه وتأجيلِه والشَّخصِ المَرهونِ عِندَه ومُدَّةِ الرَّهنِ؛ لأنَّ الغَرَرَ يَختلِفُ بذلك، فاحتيجَ إليه؛ ولأنَّ هذا بمَنزِلةِ الضَّمانِ في ذِمَّتِه، وضَمانُ المَجهولِ لا يَصحُّ.

وقال الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وفي مُقابِلِ الأصَحِّ عندَ الشافِعيَّةِ: إنْ كان الرَّهنُ مُطلَقًا فلِلمُستَعيرِ أنْ يَرهَنَه بالقَليلِ والكَثيرِ وبأيِّ جِنسٍ وفي أيِّ مَكانٍ ومِن أيِّ إنسانٍ أرادَ؛ لأنَّ العَمَلَ بإطلاقِ اللَّفظِ أصلٌ، ولِأنَّها عاريةٌ، فلَم يُشترَطْ لِصِحَّتِها ذِكرُ ذلك، كالعاريةِ لِغَيرِ الرَّهنِ، والدَّليلُ على أنَّه عاريةٌ أنَّه قبَض مِلكَ غَيرِه لِمَنفَعةِ نَفْسِه مُنفَرِدًا بها مِنْ غيرِ عِوَضٍ، فكان عاريةً كقَبضِه لِلخِدمةِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٣٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٣٠، ٢٣٢)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٥٣)، و «مجلة الأحكام» المادة (٧٢٦، ٧٢٧، ٧٢٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٨٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٨٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧٠، ٢٧٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩، ٤٠)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٧٢، ٢٧٤)، و «الديباج» (٢/ ١٧٩)، و «المغني» (٤/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>