وكذلك لو رَهَن أحَدٌ عندَه مَتاعًا لا يُعتبَرُ ذلك رَهنًا، ولا تَثبُتُ له أحكامُه.
والمَجنونُ الذي غُلِبَ على عَقلِه مِثلُ الصَّبيِّ.
وذلك لأنَّ الرَّهنَ عَقدٌ تَترتَّبُ عليه أحكامٌ ومَسؤوليَّاتٌ، وكلٌّ مِنَ الصَّبيِّ والمَجنونِ ليسا أهلًا لذلك، فالشَّرعُ لَم يَعتبِرْ أقوالَهما وتَصرُّفاتِهما في العُقودِ؛ لأنَّهما ليسا أهلًا لِلمُؤاخَذةِ.
ولا يَرهَنُ الوَليُّ مالَ الصَّبيِّ والمَجنونِ، ولا يَرتَهِنُ لهما إلا لِضَرورةٍ أو غِبطةٍ ظاهِرةٍ.
والسَّفيهُ كالصَّبيِّ والمَجنونِ فيما ذُكِرَ، وإذا رَهَن الوَليُّ أو الوَصيُّ فلا يَرهَنُ إلا مِنْ أمينٍ غيرِ خائِنٍ، مُوسِرٍ، وأنْ يُشهِدَ على الرَّهنِ، وأنْ يَكونَ الأجَلُ قَصيرًا عُرفًا، فإنْ فُقِدَ شَرطٌ مِنْ هذه الشُّروطِ لَم يَجُزِ الرَّهنُ (١).
وقال الحَنابِلةُ: يَصحُّ الرَّهنُ ممَّن يَصحُّ بَيعُه وتَبرُّعُه؛ لأنَّه تَبرُّعٌ، فكُلُّ مَنْ صَحَّ بَيعُه صَحَّ رَهنُه، فيُشترَطُ في الراهِنِ الذي يَرهَنُ ويَقبِضُ أنْ يَكونَ جائِزَ التَّصرُّفِ في مالِه، وهو الحُرُّ المُكلَّفُ الرَّشيدُ، فلا يَصحُّ الرَّهنُ مِنْ مَحجورٍ عليه لِصِغَرٍ أو جُنونٍ أو سَفَهٍ أو فَلَسٍ، ويُعتبَرُ ذلك في حالِ رَهنِه وإقباضِه؛ لأنَّ العَقدَ والتَّسليمُ ليس بواجِبٍ؛ وإنَّما هو إلى اختيارِ الراهِنِ،
(١) «الوسيط» (٤/ ٧٨، ٧٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٨١، ٢٨٣)، و «البيان» (٦/ ١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٦٥٩)، و «الديباج» (٢/ ١٧٥).