للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ إلى أنَّه لا يَصحُّ.

وقال القاضي عَبدُ الوَهَّابِ : يَجوزُ أنْ يُسلِمَ في شَيءٍ واحِدٍ إلى أجَلَيْنِ، وفي شَيئَيْنِ إلى أجَلٍ واحِدٍ خِلافًا لِلشافِعيِّ في أحَدِ قَولَيْه؛ لقَولِه : «إلى أجَلٍ مَعلومٍ»، ولَم يُفرِّقْ، ولأنَّ كلَّ ما جازَ أنْ يَكونَ في الذِّمَّةِ إلى أجَلٍ جازَ أنْ يَكونَ إلى أجَلَيْنِ كالأثمانِ، ولأنَّه سَلَمٌ فيما تُضبَطُ صِفَتُه مما يَجوزُ أنْ يُسلَمَ فيه إلى وَقتٍ مَعلومٍ يُوجَدُ فيه فأشبَهَ السَّلَمَ في الشيءِ الواحِدِ إلى الأجَلِ الواحِدِ (١).

وقال العِمرانيُّ : إذا أسلَمَ إليه شَيئًا في جِنسٍ إلى أجَلَيْنِ أو آجالٍ، أو أسلَمَ إليه شَيئًا في جِنسَيْنِ إلى أجَلٍ، مِثلَ أنْ قالَ: «أسلَمتُ إليكَ هذا الدِّينارَ في كذا وكذا رِطلِ لَحمٍ، وتَدفَعُ إلَيَّ كلَّ يومٍ منه رِطلًا»، أو قال: «أسلَمتُ إليكَ هذا الدِّينارَ بخَسمةِ أذهابِ بُرٍّ وخَمسةِ أذهابِ ذُرةٍ» … ففيه قَولانِ:

أحَدُهما: لا يَصحُّ -وهو ضَعيفٌ-؛ لأنَّ ما يُقابِلُ أبعَدَهما أجَلًا مِنْ رأسِ المالِ أقَلُّ مما يُقابِلُ أقرَبَهما أجَلًا، وما يُقابِلُ أحَدَ الجِنسَيْنِ أقَلُّ مما يُقابِلُ الآخَرَ، وذلك مَجهولٌ فلَم يَصحَّ، ويأتي هذا القَولُ بِناءً على أنَّ رأسَ المالِ يَجبُ أنْ يَكونَ مَعلومًا.

والآخَرُ: يَصحُّ السَّلَمُ، وبه قال مالِكٌ، وهو الأصَحُّ؛ لأنَّ كلَّ بَيعٍ جازَ إلى أجَلٍ واحِدٍ … جازَ إلى أجَلَيْنِ، كبَيعِ الأعيانِ -وفيه احتِرازٌ مِنَ


(١) «الإشراف» (٢/ ٥١٨) رقم (٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>