للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقَولِ عَبدِ اللهِ بنِ أبي أوْفى وعَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبْزَى: «كُنَّا نُصيبُ المَغانِمَ مع رَسولِ اللهِ فكان يأتينا أنباطٌ (١) مِنْ أنباطِ الشامِ فنُسلِفُهم في الحِنطةِ والشَّعيرِ والزَّبيبِ، فقيل: أكان لَهم زَرعٌ أم لَم يَكُنْ؟ قال: ما كُنَّا نَسألُهم عن ذلك» (٢).

فثَبَت جَوازُ السَّلَمِ في ذلك بالخَبَرِ، وقِيسَ عليه ما يُضبَطُ بالصِّفةِ؛ لأنَّه في معناه.

وكذا يَصحُّ في المَعدودِ مِنَ الحَيوانِ -ولو آدميًّا- لِحَديثِ أبي رافِعٍ : «استَسلَفَ النَّبيُّ مِنْ رَجُلٍ بَكرًا» (٣).

أمَّا المَعدودُ المُختلِفُ كالفَواكِه المَعدودةِ -كرُمَّانٍ وخَوخٍ ونَحوِهما- فلا يَصحُّ فيه السَّلَمُ؛ لِاختِلافِها بالصِّغَرِ والكِبَرِ.

وعن الإمامِ أحمدَ : يَجوزُ السَّلَمُ في الفَواكِهِ والمَوْزِ والخَضراواتِ ونَحوِها، قال المُوفَّقُ: لأنَّ كثيرًا مِنْ ذلك يَتقارَبُ ويَنضبِطُ بالكِبَرِ والصِّغَرِ، وما لا يَتقارَبُ يَنضبِطُ بالوَزنِ -كالبُقولِ ونَحوِها- فيَصحُّ السَّلَمُ فيه كالمَذروعِ.


(١) هم قومٌ مِنَ العربِ دَخلوا في العَجمِ والرُّومِ واخْتلَطت أنسابُهم وفسَدت ألسِنتُهم، وكانَ الذين اخْتلَطوا بالعَجمِ منهُم يَنزِلون البَطائحَ بينَ العِراقيِّن والذينَ اخْتلَطوا بالرُّومِ يَنزِلون في بَوادِي الشَّامِ، ويُقال لَهم النَّبَط بفَتحَتينِ، والنَّبِيط بفَتحِ أوَّلِه وكَسرِ ثانِيه وزِيادَة تَحتانِيَّة، والأنْباطُ قِيل سُمُّوا بِذلك؛ لِمعرِفَتهم بأنْباطِ الماءِ أي استِخراجِه لِكثْرةِ مُعالَجتِهم الفلَّاحَة. يُنظر: «فتح الباري» (٤/ ٤٣١)، و «سبل السلام» (٣/ ٥٠)، و «عمدة القاري» (١٢/ ٦٦).
(٢) رواه البخاري (٢٢٥٥).
(٣) رواه مسلم (١٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>