للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَنفيَّةُ: يَجوزُ السَّلَمُ في المَكيلاتِ -مِثلَ الحِنطةِ والشَّعيرِ والذُّرةِ والأرُزِّ وغَيرِ ذلك- والمَوزوناتِ والمَذروعاتِ -وهي ما يُباعُ بالذِّراعِ كالألبِسةِ-؛ لأنَّه يُمكِنُ ضَبطُها بذِكرِ الذَّرعِ والصِّفةِ، والمَعدوداتِ المُتقارِبةِ -كالجَوزِ والبَيضِ-؛ لأنَّه يُمكِنُ ضَبطُ صِفَتِه ومَعرِفةُ مِقدارِه.

ولا يَجوزُ في العَدَديَّاتِ المُتفاوِتةِ؛ كالبِطِّيخِ والرُّمَّانِ وأشباهِهما، ولا في الجَوهَرِ والخَرَزِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ فيه ذلك؛ لأنَّها تَتفاوَتُ تَفاوُتًا فاحِشًا.

ويَجوزُ في الطَّستِ والقُمقُمِ والخُفَّيْنِ ونَحوِها لِما ذَكَرنا.

ويَجوزُ السَّلَمُ في الثِّيابِ إذا سَمَّى طُولًا وعَرضًا ورُقعةً.

ولا يَجوزُ السَّلَمُ في الحَيَوانِ ولا في أطرافِه -يَعني الرُّؤوسَ والأكارِعَ- لِلتَّفاوُتِ؛ لأنَّه عَدَديٌّ مُتفاوِتٌ لا مِقدارَ له، ولا يَنضَبِطُ بالصِّفةِ، ويَتفاوَتُ بالسِّمَنِ والهُزالِ والسِّنِّ والنَّوعِ وشِدَّةِ العَدْوِ والهَملَجةِ -وهي سَيرٌ سَهلٌ لِلبراذينِ-، وقد يَجِدُ فَرسَيْنِ مُستَويَيْنِ في السِّنِّ والصِّفةِ ثم يَشتَري أحدَهما بأضعافِ ما يَشتَري به الآخَرَ لِلتَّفاوُتِ بينَهما في المعاني الباطِنةِ، وهذا أيضًا في بَني آدَمَ لا يَخْفى؛ فإنَّ العَبدَيْنِ يَتساوَيانِ سِنًّا وصِفةً ويَختَلِفانِ في العَقلِ والأخلاقِ والمُروءةِ، وكذلك الأَمَتانِ.

ولا يَجوزُ في الجُلودِ عَددٌ؛ لأنَّها لا تَنضَبِطُ بالصِّفةِ، ولا تُوزَنُ عادةً، ولكنَّها تُباعُ عَددًا وهي عَدَديٌّ مُتفاوِتٌ؛ لأنَّ فيها الصَّغيرَ والكَبيرَ، فإنْ سَمَّى منها شَيئًا يَصلُحُ لِلمُصحَفِ مَعلومًا وذَكَرَ طُولَه وعَرضَه وجَودَتَه جازَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>