للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنفيَّةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ وأحمدُ في رِوايةٍ: يَصحُّ السَّلَم في المَكيلِ وَزنًا كما إذا أسلَمَ في البُرِّ والشَّعيرِ بالميزانِ، وفي المَوزونِ الذي يتأتَّى كَيلُه كَيلًا؛ لأنَّ المَقصودَ مَعرِفةُ المِقدارِ، بخِلافِ الرِّبَويَّاتِ؛ لأنَّ الغالِبَ عليها التَّعبُّدُ، ولأنَّ الكَيلَ والوَزنَ؛ إنما يُشترَطُ لِيصيرا مَعلومَيْنِ القَدرُ، لا لِنَفي الرِّبا؛ لأنَّه لا يُقابَلُ بجِنسِه؛ لأنَّ المُؤدَّى عَينُ الواجِبِ حُكمًا في بابِ السَّلَمِ، فيَكونُ بَدَلًا عن رأسِ المالِ، ولا رِبا بينَهما.

قال الكاسانيُّ : لو كان المُسلَمُ فيه مَكيلًا فأُعلِمَ قَدْرُه بالوَزنِ المَعلومِ، أو كان مَوزونًا فأُعلِمَ قَدْرُه بالكَيلِ المَعلومِ جازَ؛ لأنَّ الشَّرطَ كَونُه مَعلومَ القَدْرِ بمِعيارٍ يُؤمَنُ فَقدُه، وقد وُجِدَ، بخِلافِ ما إذا باع المَكيلَ بالمَكيلِ وَزنًا بوَزنٍ مُتساوِيًا في الوَزنِ، أو باعَ المَوزونَ بالمَوزونِ كَيلًا بكَيلٍ مُتساوِيًا في الكَيلِ فهو لا يَجوزُ ما لَم يَتساوَيا في الكَيلِ أو الوَزنِ؛ لأنَّ شَرطَ السَّلَمِ كَونُ المُسلَمَ فيه مَعلومَ القَدْرِ، والعِلمُ بالقَدْرِ كما يَحصُلُ بالكَيلِ يَحصُلُ بالوَزنِ؛ فأمَّا شَرطُ الكَيلِ والوَزنِ في الأشياءِ التي وَرَد الشَّرعُ فيها باعتبارِ الكَيلِ والوَزنِ في بَيعِ العَينِ، فثَبَت نَصًّا؛ فكان بَيعُها بالكَيلِ أو الوَزنِ مُجازَفةً؛ فلا يَجوزُ (١).

وقال المالِكيَّةُ: شَرطُ السَّلَمِ أنْ يُضبَطَ المُسلَمُ فيه بما جَرَتْ عادةُ الناسِ في الجِهةِ التي وَقَع فيها العَقدُ أنْ يَضبِطوا به مِنْ كَيلٍ أو وَزنٍ أو عَدٍّ؛ فالقَمحُ جَرَتْ عادةُ الناسِ أنْ يَضبِطوه بالكَيلِ؛ ومنهم مَنْ يَضبِطُه بالوَزنِ، فيَصحُّ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>