للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالِكيَّةُ في المَشهورِ: يَجوزُ تأخيرُه بعدَ العَقدِ ثلاثةَ أيامٍ؛ لأنَّ الثلاثةَ مُستَثناةٌ مِنَ المُحرِمِ في الهِجرةِ، والمُهاجَرةُ بالإقامةِ بمَكةَ ثَلاثةَ أيامٍ، ومُنِعَ الإحدادُ لِغَيرِ ذاتِ الزَّوجِ فَوقَ ثلاثةٍ، فشَرطُ عَقدِ السَّلَمِ أنْ يَكونَ رأسُ المالِ فيه مَقبوضًا بالفِعلِ، أو ما في حُكمِه؛ كتأخيرِه ثلاثةَ أيامٍ؛ إذ ما قارَبَ الشيءَ يُعطى حُكمَه، كما لو كان لِرَجُلٍ على رَجُلٍ دَينٌ جازَ أنْ يُؤخِّرَ اليَومَ واليومَيْنِ على وَجهِ الرِّفقِ، ولو كان التأخيرُ بشَرطٍ عِنْدَ العَقدِ، وذلك فيما شُرِطَ قَبضُه في بَلَدٍ آخَرَ، وإلَّا فلا يَجوزُ تأخيرُ هذه المُدَّةِ؛ لأنَّه عَينُ الكالئِ بالكالئِ؛ فيَجِبُ أن يَقبِضَ رأسَ المالِ بالمَجلِسِ، أو ما يَقرُبُ منه، وسَواءٌ كان رأسُ المالِ عَينًا أو عَرضًا أو مِثليًّا.

فإنْ أخَّرَ رأسَ المالِ عن ثلاثةِ أيامٍ: فإنْ كان التأخيرُ بشَرطٍ فَسَد السَّلَمُ اتِّفاقًا، سَواءٌ أكان التأخيرُ كثيرًا جدًّا، بأنْ حَلَّ أجَلُ المُسلَمِ فيه، أم لَم يَكثُرْ جدًّا بأنَّه لَم يَحِلَّ أجَلُه.

وإنْ كان التأخيرُ بلا شَرطٍ فقولان لِمالِكٍ أشهَرُهما -وهو المُعتمَدُ- أنَّه يَفسُدُ، ومُقابِلُ المَشهورِ: لا يَفسُدُ السَّلَمُ، سَواءٌ أكانَ التأخيرُ كَثيرًا جدًّا أم لا.

وجازَ رأسُ السَّلَمِ بمَنفَعةِ شيءٍ مُعيَّنٍ مُدَّةً مُعيَّنةً، كأنْ يَقولَ له: أسلَمتُكَ سُكنى داري هذه، أو رُكوبَ دابَّتي هذه شَهرًا في إردَبِّ قَمحٍ، آخُذُه منكَ في شَهرِ كذا.

ومَنشأُ الخِلافِ بينَ الجُمهورِ والمالِكيَّةِ: هل يُسمَّى هذا التأخيرُ دَينًا أو لا؟ وما قارَبَ الشيءَ هل يُعطى حُكمَه أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>