للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَعارَضَتا بأنْ لَم يُؤرِّخا بتاريخَيْنِ فإنْ كانَتْ لِأحَدِهما بَيِّنةٌ عُمِلَ بها.

وقال الحَنفيَّةُ: إذا اختلَف المُتبايِعانِ في البَيعِ فادَّعَى المُشتَري ثَمَنًا وادَّعَى البائِعُ أكثَرَ منه، أو اعتَرَفَ البائِعُ بقَدْرٍ مِنْ المَبيعِ وادَّعَى المُشتَري أكثَرَ منه، وأقامَ أحَدُهما البَيِّنةَ قُضيَ له بها، وإنْ أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما البَيِّنةَ كانَتِ البَيِّنةُ المُثبِتةُ لِلزِّيادةِ أوْلى؛ لأنَّ مُثبِتَ الزِّيادةِ مُدَّعٍ، ونافيها مُنكِرٌ، والبَيِّنةُ بَيِّنةُ المُدَّعي، ولا بَيِّنةَ لِلمُنكِرِ؛ لأنَّ البَيِّناتِ لِلإثباتِ.

فإنْ لَم يَكُنْ لِكُلِّ واحِدٍ منهما بَيِّنةٌ قيلَ لِلمُشتَري: إمَّا أنْ تَرضَى بالثَّمنِ الذي ادَّعاه البائِعُ، وإلَّا فَسَخنا البَيعَ، وقيل لِلبائِعِ: إمَّا أنْ تُسلِّمَ ما ادَّعاه المُشتَري مِنْ المَبيعِ وإلَّا فَسَخنا البَيعَ.

فإنْ لَم يَتراضَيا استَحلَفَ الحاكِمُ كُلَّ واحِدٍ منهما على دَعوى الآخَرِ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما مُدَّعٍ على صاحِبِه، والآخَرَ مُنكِرٌ ويَبتدِئُ بيَمينِ المُشتَري، هذا قَولُ مُحمَّدٍ وقَولُ أبي يُوسفَ الآخَرُ، وهو الصَّحيحُ، وهو ظاهِرُ الرِّوايةِ؛ لأنَّ المُشتَريَ أشَدُّهما إنكارًا؛ لأنَّه مُطالَبٌ أوَّلًا بالثَّمنِ؛ فإذا حَلَفا فسَخ القاضي البَيعَ بينَهما، إذا طَلَبا ذلك، أمَّا بدونِ الطَّلَبِ فلا يُفسَخُ على الصَّحيحِ.

وقال بَعضُهم: يَنفسِخُ بالتَّحالُفِ نَفْسِه؛ لأنَّهما إذا تَحالَفا لَم يَكُنْ في بَقاءِ العَقدِ فائِدةٌ، فيَنفسِخُ.

فإن نكَل أحَدُهما عن اليَمينِ لزِمه دَعوَى الآخَرِ؛ لأنَّه يُجعَلُ باذِلًا، فلَم تَبقَ دَعواه مُعارِضةً دَعوى الآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>