صَحيحٍ؛ فإنَّ العَقدَ الأوَّلَ قد لزِم، ولَم يَظهَرِ العَيبُ، ولَم يَتعلَّقْ به حُكمُه، ثم قد ذَكَرناه في مِثلِ هذه المَسألةِ أنَّ لِلمُشتَري أنْ يَرُدَّه على البائِعِ إذا ظهَر على عَيبٍ قَديمٍ، وإذا لَم يَلزَمْه طَرحُ النَّماءِ والغَلَّةِ فههُنا أوْلَى، ويَجيءُ على هذا القَولِ أنَّه لو اشتَراه بعَشَرةٍ ثم باعَه بعِشرينَ ثم اشتَراه بعَشَرةٍ فإنَّه يُخبِرُ بأنَّها حصَلتْ بغيرِ شَيءٍ، وإنِ اشتَراها بخَمسةَ عشَرَ أخبَر بأنَّها قُوِّمتْ عليه باثنَيْ عشَرَ، نصَّ أحمدُ على نَظيرِ هذا، وعلى هذا يُطرَحُ الرِّبحُ مِنْ الثَّمنِ الثاني كيفما كان، فإنْ لَم يَربَحْ ولكنِ اشتَراها ثانيةً بخَمسةٍ، أخبَر بها؛ لأنَّه ثَمَنُ العَقدِ الذي يَلي المُرابَحةَ، ولو خسِر فيها مثلَ أنِ اشتَراها بخَمسةَ عشَرَ ثم باعَها بعَشَرةٍ ثم اشتَراها بأيِّ ثَمَنٍ كان، أخبَرَ به، ولَم يَجُزْ أنْ يَضُمَّ الخَسارةَ إلى الثَّمنِ الثاني، فيُخبِرُ به في المُرابَحةِ بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه، وهذا يَدلُّ على صِحَّةِ ما ذَكَرناه، واللَّهُ ﷾ أعلَمُ.
ثم قالَ: فَصلٌ: قال أحمدُ: ولا بأْسَ أنْ يَبيعَ بالرَّقمِ، ومعناه أنْ يَقولَ: بِعتُكَ هذا الثَّوبَ برَقمِه، وهو الثَّمنُ المَكتوبُ عليه، إذا كانَ مَعلومًا لَهما حالَ العَقدِ، وهذا قَولُ عامَّةِ الفُقهاءِ، وكَرِهَه طاوسٌ.
ولَنا: أنَّه بَيعٌ بثَمَنٍ مَعلومٍ، فأشبَهَ ما لو ذكَر مِقدارَه، أو ما لو قالَ: بِعتُكَ هذا بما اشتَرَيتُه به، وقد عَلِما قَدْرَه، فإنْ لَم يَكُنْ مَعلومًا لَهما أو لِأحَدِهما لَم يَصحَّ؛ لأنَّ الثَّمنَ مَجهولٌ، قال أحمدُ: والمُساوَمةُ عِندي أسهَلُ مِنْ بَيعِ المُرابَحةِ، وذلك لأنَّ بَيعَ المُرابَحةِ تَعتَريه أمانةٌ واستِرسالٌ مِنْ المُشتَري، ويَحتاجُ فيه إلى تَبيينِ الحالِ على وَجهِه في المَواضِعِ التي ذَكَرناها، ولا