للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الفَضلِ بنِ زِيادٍ القَطانِ قالَ: سأَلتُ أَحمدَ بنَ حَنبلٍ: مَنْ ضرَبَ مالِكَ بنَ أَنسٍ؟ قالَ: ضرَبَه بعضُ الوُلاةِ، لا أَدري مَنْ هو، إنَّما ضرَبَه في طَلاقِ المُكرَهِ، كانَ لا يُجيزُه، فضرَبَه لذلك (١).

وعن أَبي بَكرِ بنِ مُحمدِ بنِ أَحمدَ بنِ راشدٍ قالَ: سمِعتُ أَبا داودَ يَقولُ: ضرَبَ جَعفرُ بنُ سُليمانَ مالِكَ بنَ أَنسٍ في طَلاقِ المُكرَهِ، وحَكى له بعضُ أَصحابِ بنِ وَهبٍ: أنَّ مالِكَ بنَ أَنسٍ لمَّا ضُربَ حُلقَ وحُملَ على بَعيرٍ، فقيلَ له: نادِ على نَفسِك، قالَ: فقالَ: أَلا مَنْ عرَفَني فقد عرَفَني، ومَن لَم يَعرفْني فأنا مالِكُ بنُ أَنسِ بنِ أَبي عامرٍ الأَصبحِيُّ، وأنا أَقولُ: طَلاقُ المُكرَهِ ليسَ بشيءٍ.

قالَ: بلَغَ جَعفرُ بنُ سُليمانَ أنَّه يُنادِي على نَفسِه بذلك، فقالَ: أَدرِكوه، أَنزِلوه (٢).

ورَوى ابنُ سَعدٍ عن الواقِديِّ قالَ: لمَّا دُعيَ مالِكٌ وشُوورَ وسُمعَ منه وقُبلَ قولُه، حُسدَ وبَغَوه بكلِّ شيءٍ، فلما ولِيَ جَعفرُ بنُ سُليمانَ المَدينةَ سَعوا به إليه، وكَثُروا عليه عندَه، وقالوا: لا يَرى أَيمانَ بَيعتِكم هذه بشيءٍ، وهو يَأخذُ بحَديثٍ رَواه عن ثابِتِ بنِ الأَحنفِ في طَلاقِ المُكرَهِ أنَّه لا يَجوزُ عندَه، قالَ: فغضِبَ جَعفرٌ، فدَعا بمالِكٍ، فاحتَجَّ عليه بما رُفعَ إليه عنه، فأمَرَ بتَجريدِه وضَربِه بالسِّياطِ، وجُبذَت يدُه حتى انخَلعَت من كَتفِه، وارتَكبَ منه أَمرٌ عَظيمٌ، فواللهِ، ما زالَ مالِكٌ بعدُ في رِفعةٍ وعُلوٍّ (٣).


(١) «حلية الأولياء» (٦/ ٣١٦).
(٢) «حلية الأولياء» (٦/ ٣١٦).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٨٠، ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>