للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالِغةً ما بَلَغتْ على مَذهبِ ابنِ حَبيبٍ في البَيعِ والسَّلَفِ إذا قبَض السَّلَفَ وفاتَتِ السِّلعةُ، ففيها القيمةُ بالِغةً ما بَلَغتْ؛ والأصَحُّ ألَّا تَكونَ له أُجرةُ؛ لأنَّا إنْ أعطَيناه الأُجرةَ كانَ الثَّمنُ ثَمَنًا لِلسَّلَفِ؛ فكانَ ذلك تَتميمًا لِلرِّبا الذي عَقَدا عليه، وهو قَولُ سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، وهذه الأقوالُ الثَّلاثةُ إذا عُثِرَ على الآمِرِ بعدَ أنْ نقَد المَأمورَ الثَّمنَ وقبلَ أنْ يَحُلَّ الأجَلُ؛ لأنَّ السَّلَفَ -وإنْ كانَ حالًّا- لا بدَّ مِنْ الحُكمِ فيه بأجَلٍ، ولو عُثِرَ على الآمِرِ بعدَ أنِ ابتاعَ المَأمورُ السِّلعةَ وقبلَ أنْ يَنقُدَ الثَّمنَ، كانَ النَّقدُ على الآمِرِ، ولَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمَأمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: له الأُجرةُ، بالِغةً ما بَلَغتْ، والآخَرُ: له الأقَلُّ، ولو لَم يُعثَرْ على ذلك إلَّا بعدَ حُلولِ الأجَلِ، لَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمَأمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: له الأُجرةُ بالِغةً ما بَلَغتْ، والآخَرُ: لا شَيءَ له.

والخامِسةُ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ لي سِلعةَ كذا وكذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أبتاعُها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ؛ فهذا حَرامٌ، لا يَحِلُّ ولا يَجوزُ؛ لأنَّه رَجُلٌ ازدادَ في سَلَفِه؛ فإنْ وقَع ذلك لَزِمتِ السِّلعةُ لِلآمِرِ؛ لأنَّ الشِّراءَ كانَ له، وإنَّما أسلَفَه المَأمورُ ثَمَنَها لِيأخُذَ منه أكثَرَ منه إلى أجَلٍ؛ فيُعطيَه العَشَرةَ مُعجَّلةً، ويَطرَحَ عنه ما أرْبَى، ويَكونَ له أُجرةُ مِثلِه بالِغةً ما بَلَغتْ في قَولٍ، والأقَلُّ مِنْ أُجرةِ مِثلِه، أو الدِّينارانِ في قَولٍ، ولا يَكونُ له شَيءٌ في قَولٍ؛ لِئَلَّا يَكونَ ذلك تَتميمًا لِلرِّبا فيما بينَهما على ما مَضَى مِنْ الِاختِلافِ في المَسألةِ التي قبلَها.

وقالَ في سَماعِ سَحنونٍ: إنْ لَم تَفُتِ السِّلعةُ فُسِخَ البَيعُ وهو بَعيدٌ، فقيلَ: مَعنَى ذلك إذا عَلِمَ البائِعُ الأوَّلُ بعَمَلِهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>