للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَكونانِ بالخيارِ في البَيعِ الآخَرِ، فإنْ جَدَّداه جازَ، وإنْ تَبايَعا به على أنْ ألزَما أنفُسَهما الأمْرَ الأوَّلَ فهو مَفسوخٌ مِنْ قِبَلِ شَيئَيْنِ:

أحَدُهما: أنَّه تَبايَعاه قبلَ أنْ يَملِكَه البائِعُ.

والآخَرُ: أنَّه على مُخاطَرةِ أنَّكَ إنِ اشتَرَيتَه على كذا أُربِحُكَ فيه كذا (١).

وهو أيضًا ما ذكَره الإمامُ مُحمَّدُ بنُ الحَسَنِ الشَّيبانيُّ في كِتابِه: «المَخارِجُ في الحِيَلِ»، جاءَ فيه: قُلتُ: أرَأيتَ رَجُلًا أمَرَ رَجُلًا أنْ يَشتَريَ دارًا بألْفِ دِرهَمٍ، وأخبَرَه بأنَّه إنْ فعَل اشتَراها الآمِرُ منه بألْفٍ ومِئةٍ؛ فخافَ المَأمورُ إنِ اشتَراها أنْ يَبدوَ لِلآمِرِ في شِرائِها؟ قالَ: يَشتَري الدَّارَ على أنَّه بالخيارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ فيها، ويَقبِضُها، ثم يَأتيه الآمِرُ فيَقولُ له: قد أخَذتُها منكَ بألْفٍ ومِئةٍ، فيَقولُ المَأمورُ: هي لَكَ بذلك (٢).

فهو يَنُصُّ على أنَّ الوَعدَ في هذا لا يَلزَمُ؛ لأنَّه لو كانَ لازِمًا لَم يَحتَجْ إلى الخيارِ، وهو ما ذكَره الإمامُ ابنُ القَيِّمُ، حيثُ قالَ : المِثالُ الحادي بعدَ المِئةِ: رَجُلٌ قالَ لِغيرِه: اشتَرِ هذه الدَّارَ أو هذه السِّلعةَ مِنْ فُلانٍ بكذا وكذا، وأنا أُربِحُكَ فيها كذا وكذا، فخافَ إنِ اشتَراها أنْ يَبدوَ لِلآمِرِ فلا يُريدَها، ولا يَتمكَّنَ مِنْ الرَّدِّ، فالحيلةُ أنْ يَشتَريَها على أنَّه بالخيارِ ثَلاثةَ أيَّامٍ أو أكثَرَ، ثم يَقولَ لِلآمِرِ: قد اشتَرَيتُها بما ذَكَرتَ، فإنْ أخَذها منه وإلَّا تَمكَّنَ مِنْ رَدِّها على البائِعِ بالخيارِ، فإنْ لَم يَشتَرِها الآمِرُ إلَّا بالخِيارِ فالحيلةُ أنْ


(١) «الأم» (٣/ ٣٩).
(٢) «المخارج في الحيل» لمحمد بن الحسن ص (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>