﵁:«كانَ أَصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ يَنامونَ ثم يُصلُّونَ ولا يَتوضَّؤونَ»، وليسَ فيه بَيانُ كَثرةٍ ولا قِلةٍ؛ فإنَّ النائِمَ يَخفِقُ رَأسُه من يَسيرِ النَّومِ، فهو يَقينٌ في اليَسيرِ، فيَعملُ به، وما زادَ عليه فهو مُحتمَلٌ لا يُتركُ له العُمومُ المُتيقَّنُ، ولأنَّ نَقضَ الوُضوءِ بالنَّومِ يُعلَّلُ بإفضائِه إلى الحَدثِ، ومع الكَثرةِ والغَلبةِ يُفضي إليه، ولا يُحسُّ بخُروجِه منه، بخِلافِ اليَسيرِ، ولا يَصحُّ قياسُ الكَثيرِ على اليَسيرِ لاختِلافِهما في الإفضاءِ إلى الحَدثِ.
وعن الإمامِ أحمدَ: أنَّه لا يَنقضُ، وعنه: لا يَنقضُ نَومُ الجالِسِ ولو كان كَثيرًا، واختارَه شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ، وحُكيَ عنه لا يَنقضُ غيرُ نَومِ المُضطجِعِ.
الثالِثُ: ما عَدا هاتَين الحالَتينِ وهو نَومُ القائِمِ والراكِعِ والساجِدِ، فورَدَ عن أحمدَ في جَميعِ ذلك رِواياتٌ:
إِحداها: يَنقضُ، وهو المَذهبُ؛ لأنَّه لم يَرِدْ في تَخصيصِه من عُمومِ أَحاديثِ النَّقضِ نَصٌّ، ولا هو في مَعنى المَنصوصِ؛ لكَونِ القاعِدِ مُتحفِّظًا لاعتِمادِه بمَحلِّ الحَدثِ إلى الأرضِ، والراكِعُ والساجِدُ يَنفرِجُ مَحلُّ الحَدثِ منهما.
والثانيةُ: لا يَنقضُ إلا إذا كثُرَ.
قالَ في «الإنصاف»: الصَّحيحُ من المَذهبِ أنَّ نَومَ القائِمِ كنَومِ الجالِسِ فلا يَنقضُ الكَثيرُ منه، نَصَّ عليه.