للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تَكلَّمَ المالِكيَّةُ أيضًا عن المُرابَحةِ الآمِرةِ بالشِّراءِ، فذَكَروها في بُيوعِ العِينةِ، فقالوا: يَجوزُ لِمَنْ طُلِبتْ منه سِلعةٌ ليسَتْ عندَه أنْ يَشتَريَها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أهلِ العِينةِ -وأهلُ العِينةِ قَومٌ نَصَّبوا أنفُسَهم لِطَلَبِ شِراءِ السِّلَعِ منهم، وليسَتْ عندَهم؛ فيَذهَبونَ إلى التُّجَّارِ لِيَشتَروها بثَمَنٍ لِيَبيعوها لِلطَّالِبِ-، وسَواءٌ باعوها لِطالِبِها بثَمَنٍ حالٍّ، أو بثَمَنٍ مُؤجَّلٍ، أو بَعضُه حالٌّ وبَعضُه مُؤجَّلٌ؛ لِيَبيعَها لِمَنْ طَلَبَها منه بمُعجَّلٍ أو بمُؤجَّلٍ.

أمَّا إذا قالَ الطَّالِبُ لِلسِّلعةِ: اشتَرِها بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا آخُذُها مِنْكَ باثنَي عَشَر لِأجَلٍ؛ فيُمنَعُ لِمَا فيه مِنْ تُهمةِ سَلَفٍ جَرَّ نَفعًا؛ لأنَّه كأنَّه سَلَّفَه عَشَرةً ثَمَنَ السِّلعةِ، يَأخُذُ عنها بعدَ الأجَلِ اثنَي عشَرَ.

ثم تارةً يَقولُ الطالِبُ: خُذْها لي، وتارةً لا يَقولُ: لي؛ فتَلزَمُ السِّلعةُ الطالِبَ بالعَشَرةِ نَقدًا، إنْ قالَ لِلمَطلوبِ منه: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ … إلخ، ولِلمَطلوبِ منه الأقَلُّ مِنْ جُعلِ مِثلِه، ومِنَ الرِّبحِ، وفَسخُ البَيعِ الآخَرِ وهو الِاثنا عشَرَ لِأجَلٍ، ثم إنْ كانَتِ السِّلعةُ قائِمةً في يَدِ الآمِرِ رُدَّتْ لِلمَأمورِ بعَينِها، وإنْ فاتَتْ في يَدِ الآمِرِ بمُفوِّتِ البَيعِ الفاسِدِ رَدَّ قيمَتَها يَومَ القَبضِ حالَّةً بالِغةً ما بَلَغتْ زادَتْ على الاثنَيْ عَشَر أو نَقَصتْ.

وقيلَ: إنَّ البَيعَ الآخَرَ يَمضي مع الآمِرِ باثنَيْ عشَرَ لِلأجَلِ، ولا يُفسَخُ، كانَتِ السِّلعةُ قائِمةً أو فائِتةً.

فإنْ لَم يَقُلْ: لي -في الفَرضِ المَذكورِ-، مَضى الآخَرُ بالِاثنَيْ عشَرَ لِلأجَلِ؛ لِبُعدِ تُهمةِ السَّلَفِ بمَنفَعةٍ، ولزِمه -أي: الآمِرَ- الِاثنا عشَرَ لِلأجَلِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>