عليه، حيثُ عَلِمَ أنَّه لا تُعلَمُ له صِحَّتُه مِنْ فَسادِه بغيرِ ذلك؛ فكانَ الكَسرُ حاصِلًا بتَسليطِ البائِعِ، فلا يَمنَعُ الرَّدَّ.
وإنْ كانَ كَسرًا يُمكِنُ استِعلامُ المَبيعِ بدُونِه، إلَّا أنَّه لا يَتلَفُ المَبيعُ بالكُلِّيَّةِ؛ فالحُكمُ فيه كالَّذي قبلَه في قَولِ الخِرَقيِّ، وهو قَولُ القاضي أيضًا، والمُشتَري مُخيَّرٌ بينَ رَدِّه وأرشِ الكَسرِ، وأخْذِ الثَّمنِ، وبينَ أخذِ أرشِ العَيبِ، وهو إحدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ، والرِّوايةُ الأُخرى: ليسَ له رَدُّه، وله أرشُ العَيبِ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ كَسَرَه كَسرًا لا يَبقَى له قيمةٌ بعدَه؛ فله أرشُ العَيبِ لا غيرُ؛ لأنَّه أتلَفَه، وقَدْرُ أرشِ العَيبِ قِسطُ ما بينَ الصَّحيحِ والمَعيبِ مِنْ الثَّمنِ؛ فيُقوَّمُ المَبيعُ صَحيحًا، ثم يُقوَّمُ مَعيبًا غيرَ مَكسورٍ؛ فيَكونُ لِلمُشتَري قَدْرُ ما بينَهما مِنْ الثَّمنِ على ما مَضَى شَرحُه (١).
وقالَ الكاسانيُّ ﵀: لو اشتَرَى ما مَأكولُه في جَوفِه كالبِطِّيخِ والجَوزِ والقِثَّاءِ والخِيارِ والرُّمَّانِ والبَيضِ ونَحوِها، فكَسَرَه فوجَده فاسِدًا، فهذا في الأصلِ لا يَخلو من أحَدِ وَجهَيْنِ: إمَّا أنْ يَجِدَه كُلَّه فاسِدًا، وإمَّا أنْ يَجِدَ بَعضًا فاسِدًا، وبَعضًا صَحيحًا؛ فإنْ وجَده كُلَّه فاسِدًا، فإنْ كانَ ممَّا لا يُنتفَعُ به أصلًا فالمُشتَري يَرجِعُ على البائِعِ بجَميعِ الثَّمنِ؛ لأنَّه تَبيَّن أنَّ البَيعَ وقَع باطِلًا؛ لأنَّه بَيعُ ما ليسَ بمالٍ، وبَيعُ ما ليسَ بمالٍ لا يَنعقِدُ، كما إذا اشتَرَى عَبدًا ثم تَبيَّن أنَّه حُرٌّ.
(١) «المغني» (٤/ ١٢٢، ١٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute