ويُفصِّلُ المالِكيَّةُ بينَ العَيبِ اليَسيرِ غيرِ المُؤثِّرِ؛ فلا شَيءَ فيه ولا رَدَّ به، وبينَ العَيبِ المُؤثِّرِ الذي له قيمةٌ فيَرجِعُ بأرشِه، وبينَ العَيبِ الفاحِشِ فيَجِبُ هُنا الرَّدُّ، حتى إذا أمسَكَه فليسَ له الرُّجوعُ بالنُّقصانِ.
وهذا تَفصيلُ كلِّ مَذهبٍ:
قالَ الحَنفيَّةُ: إنْ وجَد بالمَبيعِ عَيبًا أخذَه بكُلِّ الثَّمنِ أو رَدَّهُ؛ لأنَّ مُطلَقَ العَقدِ يَقتَضي وَصفَ السَّلامةِ، فعندَ فَواتِه يَتخيَّرُ كي لا يَتضرَّرَ بلُزومِ ما لا يَرضَى به، وليسَ له إمساكُه وأخذُ النُّقصانِ -أي: الأرشِ- إلَّا برِضا البائِعِ؛ لأنَّ الأوصافَ لا يُقابِلُها شَيءٌ مِنْ الثَّمنِ في مُجرَّدِ العَقدِ، ولأنَّه لَم يَرضَ بزَوالِه عن مِلْكِه بأقَلَّ مِنْ المُسَمَّى، فيَتضرَّرُ به، ودَفعُ الضَّرَرِ عن المُشتَري مُمكِنٌ بالرَّدِّ بدُونِ تَضرُّرِه.
وشَمِلَ هذا ما إذا كانَ به عندَ البَيعِ أو حدَث بعدَه في يَدِ البائِعِ، وما إذا كانَ فاحِشًا أو يَسيرًا، والمَهرُ وبَدَلُ الخُلعِ وبَدَلُ الصُّلحِ عن دَمِ العَمدِ يُرَدُّ بفاحِشِ العَيبِ، لا بيَسيرِه، والفاحِشُ في المَهرِ ما يُخرِجُه مِنْ الجيِّدِ إلى الوَسَطِ، ومِنَ الوَسَطِ إلى الرَّديءِ، وإنَّما لا يُرَدُّ في المَهرِ بيَسيرِه، إذا لَم يَكُنْ كَيليًّا أو وَزنيًّا، وأمَّا هُما فيُرَدُّ بيَسيرِه أيضًا.
وكذلك لو كانَ المَبيعُ مَكيلًا أو مَوزونًا؛ فوُجدَ ببَعضِه عَيبٌ ليسَ له أنْ يُمسِكَ الجَيِّدَ ويَرُدَّ المَعيبَ، والأصلُ في هذا أنَّ المُشتَريَ لا يَملِكُ تَفريقَ