للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَديئةً، لَم يَكُنْ عَلِمَها، ليسَ له خيارُ الرَّدِّ بالعَيبِ؟ لأنَّ الحِنطةَ تُخلَقُ جَيِّدةً ورَديئةً ووَسَطًا، والعَيبُ ما يَخلو عنه أصلُ الفِطرةِ السَّليمةِ عن الآفاتِ العارِضةِ لَها؛ فالحِنطةُ المُصابةُ بهَواءٍ منَعها تَمامُ بُلوغِها الإدراكَ حتى صارَتْ رَقيقةَ الحَبِّ، مَعيبةً، كالعَفَنِ والبَلَلِ والسُّوسِ.

والعَيبُ شَرعًا: ما أوجَبَ نُقصانَ الثَّمنِ في عادةِ التُّجَّارِ؛ لأنَّ المَقصودَ نُقصانُ الماليَّةِ، وذلك بانتِقاصِ القيمةِ، والمَرجِعُ في مَعرِفَتِه عُرفُ أهلِه، وهُم التُّجَّارُ، أو أربابُ الصَّنائِعِ، إنْ كانَ المَبيعُ مِنْ المَصنوعاتِ، وسَواءٌ كانَ يَنقُصُ العَينَ أو مَنافِعَها أو لا يَنقُصُها؛ لأنَّه يُوجِبُ نَقصَ الثَّمنِ.

والمُرادُ بالعَيبِ: عَيبٌ كانَ عندَ البائِعِ، ولَم يَرَه المُشتَري عندَ البَيعِ، ولا عندَ القَبضِ، ولَم يُوجَدْ مِنْ المُشتَري ما يَدلُّ على الرِّضا به بعدَ العِلمِ بالعَيبِ، ولَم يَكُنِ البائِعُ شرَط البَراءةَ مِنه خاصًّا أو عامًّا (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ المالِكيُّ : والعُيوبُ التي لَها تَأثيرٌ في العَقدِ هي عندَ الجَميعِ ما نقَص عن الخِلقةِ الطَّبيعيَّةِ أو عن الخَلقِ الشَّرعيِّ نُقصانًا له تَأثيرٌ في ثَمَنِ المَبيعِ، وذلك يَختلِفُ بحَسَبِ اختِلافِ الأزمانِ والعَوائِدِ والأشخاصِ (٢).

وقالَ الغَزاليُّ : العَيبُ: كلُّ وَصفٍ مَذمومٍ اقتَضى العُرفُ سَلامةَ المَبيعِ عنه في الأغلَبِ، وقد يَكونُ ذلك بنُقصانِ وَصفٍ أو زيادَتِه، وقد


(١) «المبسوط» (١٢/ ١٨٥)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٣٥٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥٧)، و «البحر الرائق» (٦/ ٣٨)، و «اللباب» (١/ ٣٧١)، و «درر الحكام» (٦/ ٢١٩).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>