للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوايتَيْنِ عنه -وقيلَ: هي المَشهورةُ- إلى أنَّ مَنْ اشتَرَى أو باعَ شَيئًا وقد غُبِنَ فيه، ولو غَبنًا كَثيرًا فاحِشًا أنَّه لا خيارَ له؛ لِمَا رَواه عَبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ


= الرَّدِّ مُطلقًا. وفي الصيرفيَّةِ اختارَ عِمادُ الدينِ الرَّدَّ بالغَبنِ الفاحشِ إذا لَم يعلَمْ به المُشترِي، وكذا في واقِعاتِ الجصَّاصِ، وعليه أكثرُ رِواياتِ المُضاربةِ، وبه يُفتى واختارَه النَّسفيُّ وأبو اليُسرِ البزدويُّ. وقال الإمامُ جَمالُ الدينِ جديّ: إن غرَّه فله الرَّدُّ وإلا فلا. والصَّحيحُ: أن ما يَدخُل تحتَ تَقويمِ المُقومِينَ فيسيرٌ وما لا ففاحشٌ. اه وكمَا يَكونُ المُشترِي مَغبونًا مَغرورًا يَكونُ البائعُ كذلك كما في فَتاوي قاريءِ الهداية. وجاءَ في «الدر المختار» (٥/ ١٤٢، ١٤٣): (و) اعلمْ أنَّه (لا رَدَّ بغَبنٍ فاحشٍ) هو ما لا يَدخلُ تحتَ تَقويمِ المُقومِينَ (في ظاهرِ الرِّوايةِ)، وبه أفتى بعضُهم مُطلقًا كما في القنية. ثم رقّم وقال: «ويُفتى بالرَّدِّ» رِفقًا بالناسِ، وعليه أكثرُ رِواياتِ المُضاربةِ وبه يُفتى. ثم رقّم وقال: «إن غرَّه» أي غرَّ المُشترِي البائعَ أو بالعَكسِ أو غرَّه الدَّلالُ فله الرَّدُّ (وإلا لا)، وبه أفتى صَدرُ الإسلامِ وغيرُه. ثم قال: «وتصرُّفه في بعضِ المَبيعِ» قبلَ علمِه بالغَبنِ (غيرُ مانعٍ منه) فيرُدُّ مثلَ ما أتلَفه ويَرجعُ بكلِّ الثَّمنِ على الصَّوابِ ا. هـ مُلخَّصًا. بقِي ما لو كان قِيميًا لم أرَه … قال ابنُ عابدين (٥/ ١٤٢، ١٤٣): قوله: «وبه أفتى صَدرُ الإسلامِ وغيرُه»، وهو الصَّحيحُ كما يأتي وظاهرُ كلامِهم أنَّ الخِلافَ حَقيقٌ، ولو قِيل إنه لَفظيٌّ ويُحملُ القَولانِ المُطلقانِ على القَولِ المُفصَّلِ لكانَ حَسنًا، ويدُلُّ عليه حملُ صاحبِ التُّحفةِ المُتقدِّمِ ط. قلتُ: ويؤيِّدُه أيضًا عدمُ التَّصريحِ بالإطلَاقِ في القَولينِ الأوَّلينِ وحيثُ كانَ ظاهرُ الرِّوايةِ مَحمولًا على هذا القَولِ المُفصَّلِ يكونُ هو ظاهرُ الرِّوايةِ إذا لم يَذكُروا أن ظاهرَ الرِّوايةِ عدمُ الرَّدِّ مُطلقًا حتى يُنافي التَّفصيلَ فَلِذا جزَم في التُّحفَةِ بحملِه على التَّفصيلِ، وحينَئذٍ لم يبقَ لنا إلا قولٌ واحدٌ هو المُصرِّحُ بأنَّه ظاهرُ الرِّوايةِ وبأنَّه المَذهبُ وبأنَّه المُفتى به وبأنَّه الصَّحيحُ، فمَن أفتى في زَمانِنا بالرَّدِّ مُطلقًا فَقد أخطأَ خطأً فاحِشًا؛ لِما علِمت مِنْ أنَّ التَّفصيلَ هو المُصحَّحُ المُفتى به ولا سيَّما بعدَ التَّوفيقِ المَذكورِ، وقد أوضحْتُ ذلك بمَا لا مَزيدَ عليه في رسالةٍ سمَّيتُها «تحبير التحرير في إبطال القضاء بالفسخ بالغبن الفاحش بلا تغرير» … إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>