للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ماتَ العاقِدانِ في المَجلِسِ ففي انتِقالِ الخِيارِ إلى وارِثَيْهما الخِلافُ المَذكورُ في مَوتِ أحَدِهما.

قالَ النَّوويُّ : قالَ أصحابُنا: فإنْ لَم يَثبُتِ الخِيارُ لِلوارِثِ فقد انقطَع خِيارُ المَيِّتِ، وأمَّا العاقِدُ الآخَرُ الحَيُّ فذكَر البَغوَيُّ أنَّ خِيارَه لا يَنقطِعُ حتى يُفارِقَ ذلك المَجلِسَ، وقالَ إمامُ الحَرَمَيْنِ : يَلزَمُ العَقدُ مِنْ الجانِبَيْنِ. قالَ الرَّافِعيُّ : ويَجوزُ تَقريرُ خِلافٍ؛ لِمَا سبَق أنَّ هذا الخِيارَ لا يَتبعَّضُ سُقوطُه، كمَوتِه، وذكَر القاضي حُسَينٌ فيه وُجوهًا:

أحَدُها: يَمتَدُّ إلى أنْ يُفارِقَ مَجلِسَه ثم يَنقَطِعُ.

والثَّاني: يَبقَى إلى أنْ يَجتَمِعَ هو والوارِثُ الآخَرُ.

والثَّالثُ: يَمتَدُّ إلى مُفارَقَتِه مَجلِسَ العَقدِ، وهذا هو الصَّحيحُ، وهو الذي جَزَمَ به البَغَويُّ ، وحَكَى الرُّويانيُّ وَجهًا رابِعًا أنَّه يَنقَطِعُ خِيارُه بمَوتِ صاحِبِه؛ فإذا بلَغ الخَبَرُ وارِثَه حدَث لِهَذا الحَيِّ الخِيارُ معه، وهذا شاذٌّ ضَعيفٌ.

فإنْ قُلْنا: يثبُتُ الخِيارُ لِلوارِثِ فإنْ كانَ حاضِرًا في المَجلِسِ امتَدَّ الخِيارُ بينَه وبينَ العاقِدِ الآخَرِ، حتى يَتفَرَّقا أو يَتَخايَرا، وإنْ كانَ غائِبًا فله الخِيارُ إذا وَصَلَه الخَبَرُ، وهل هو على الفَورِ أو يَمتَدُّ امتِدادَ مَجلِسِ بُلوغِ الخَبَرِ إليه؟ فيه وَجهانِ، كالوَجهَيْنِ في خِيارِ الشَّرطِ إذا وَرِثَه الوارِثُ، وبلَغه الخَبَرُ بعدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الخِيارِ؛ ففي وَجْهٍ هو على الفَورِ، وفي وَجْهٍ يَمتَدُّ كما كانَ يَمتَدُّ لِلمَيِّتِ لو بَقيَ (١).


(١) «نهاية المطلب» (٥/ ٢٣، ٢٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٩٨، ٩٩)، و «المجموع» (٩/ ١٦٥، ١٦٦)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٩١)، و «الكافي» (٢/ ٤٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٦)، و «المبدع» (٤/ ٦٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣١)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>