للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُرَيرةَ، جاءَ مُدرَجًا في بعضِ الأَحاديثِ، وإنَّما قالَ النَّبيُّ : «إنَّكم تأتون يَومَ القيامةِ غُرًّا مُحجَّلين من آثارِ الوُضوءِ» وكانَ يَتوضَّأُ حتى يَشرعَ في العَضُدِ والساقِ، قالَ أبو هُرَيرةَ: مَنْ استَطاعَ أنْ يُطيلَ غُرتَه فليَفعَلْ، وظَنَّ مَنْ ظَنَّ أنَّ غَسلَ العَضُدِ من إِطالةِ الغُرةِ، وهذا لا مَعنى له؛ فإنَّ الغُرةَ في الوَجهِ لا في اليَدِ والرِّجلِ، وإنَّما في اليَدِ والرِّجلِ الحَجلةُ.

والغُرةُ لا يُمكنُ إِطالتُها؛ فإنَّ الوَجهَ يُغسلُ كلُّه لا يُغسلُ الرأسُ ولا غُرةَ في الرأسِ، والحَجلةُ لا يُستحبُّ إِطالتُها، وإِطالتُها مُثلةٌ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ القَيمِ : وأمَّا فِعلُ أبي هُريرةَ فهو شَيءٌ تَأوَّلَه، وخالَفَه فيه غيرُه، يُنكِرونه عليه، وهذه المَسألةُ تُلقَّبُ بمَسألةِ إِطالةِ الغُرةِ، وإنْ كانَت الغُرةُ في الوَجهِ خاصةً.

وقد اختَلفَ الفُقهاءُ في ذلك، وفيها رِوايتانِ عن الإمامِ أحمدَ:

إحداهُما: يُستحبُّ إِطالتُها، وبها قالَ أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ، واختارَها أبو البَركاتِ ابنُ تَيميةَ وغيرُه.

والثانيةُ: لا يُستحبُّ، وهي مَذهبُ مالِكٍ، وهي اختيارُ شَيخِنا أبي العَباسِ.

فالمُستَحِبون يَحتجُّون بحَديثِ أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «أنتُم الغُرُّ المُحجَّلونَ يَومَ القيامةِ مِنْ أثَرِ الوُضوءِ، فمَن


(١) «مجموع الفتاوى» (١/ ٢٧٩، ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>