للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآمِرِ، فإنَّه جائِزٌ، بأنْ قالَ له: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ نَقدًا -ونقَدها له- وأنا آخُذُها باثنَيْ عشَرَ نَقدًا وله الدِّرهَمانِ؛ لأنَّهما أُجرةٌ، وإنْ لَم يَقُلْ: لي -في هذا الفَرضِ-، وهو ما إذا شرَط الطَّالِبُ النَّقدَ على المَأْمورِ كُرِهَ، كقَولِ بائِعٍ لِمُشتَرٍ: خُذْ مِنِّي بمِئةٍ ما -أي: سِلعةً- بثَمانينَ قِيمةً؛ لِمَا فيه مِنْ رائِحةِ الرِّبا، ولا سيَّما إذا قالَ له المُشتَرِي: سَلِّفْني ثَمانينَ وأرُدُّ لَكَ عَنها مِئةً؛ فقالَ المَأْمورُ: هذا رِبًا، بَلْ خُذْ مِنِّي بمِئةٍ … إلَخ.

أو قالَ شَخصٌ لِآخَرَ: اشتَرِها، وأنا أُربِحُكَ، ولَم يُعيِّنْ له قَدْرَ الرِّبحِ؛ فإنَّه يُكرَهُ؛ فإنْ عَيَّنَه مُنِعَ.

وإنْ قالَ: اشتَرِها لي بعَشَرةٍ لِأجَلٍ وأنا أشتَريها مِنْكَ بثَمانيةٍ نَقدًا؛ فيُمنَعُ؛ لِمَا فيه مِنْ السَّلَفِ بزِيادةٍ؛ لأنَّه سَلَّفُه الثَّمانيةُ المَنقودةَ على أنْ يَشتَريَها له بعَشَرةٍ، كذا قيلَ، ولا وَجْهَ له، كما يَقولُ الدُّسوقيُّ والصاويُّ.

وذكَر ابنُ رُشدٍ وغيرُه: أنَّ وَجْهَ المَنعِ أنَّ الآمِرَ استَأجَرَ المَأْمورَ على أنْ يَشتَريَ له السِّلعةَ بسَلَفِه الثَّمانيةَ يَنقُدُها له، يَنتفِعُ بها إلى الأجَلِ، ثم يَرُدُّها له، أي: والآمِرُ يَدفَعُ له العَشَرةَ عندَ الأجَلِ لِلبائِعِ الأصْليِّ.

قالَ الصَّاويُّ: وهذا بَعيدٌ أيضًا، لا يَقتَضي الحُرمةَ فتَأمَّلْ (١).

وتَلزَمُ السِّلعةُ الآمِرَ بما أمَرَ، وهو العَشَرةُ لِأجلِها، ولا يُعجِّلُ له الأقَلَّ، وهو الثَّمانيةُ في المِثالِ؛ فإنْ عجَّل الأقَلَّ لِلمَأْمورِ رُدَّ لِلآمِرِ، ولِلمَأْمورِ جُعلُ مِثلِه.


(١) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>