للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه مِنْ البائِعِ، فليسَ بحَرامٍ إجماعًا؛ لأنَّ بَيعَ المُزايَدةِ مَوضوعٌ لِطَلَبِ الزِّيادةِ، وأنَّ السَّومَ لا يَمنَعُ النَّاسَ مِنْ الطَّلَبِ؛ فإذا طَلَبَها طالِبٌ بثَمَنٍ فلِلغيرِ أنْ يَطلُبَها بأكثَرَ إذا لَم يَتحقَّقْ تَوافُقٌ على مِقدارٍ، والسِّلعةُ إنَّما تُعرَضُ على مَنْ يَزيدُ لِلتَّزايُدِ، فكانَ الذي يَجري ليسَ سَومًا.

ولو ترَك النَّاسُ السَّومَ عندَ أوَّلِ مَنْ يَسومُ بها أُخِذتْ بشُبَهِ الباطِلِ مِنْ الثَّمنِ، ودخَل على الباعةِ في سِلَعِهم المَكروهُ، وهذا إجماعُ المُسلِمينَ، يَبيعونَ في أسواقِهم بالمُزايَدةِ في كلِّ عَصرٍ ومِصْرٍ.

وقد رُويَ عن أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ فشَكا إليه الفاقةَ، ثم رجَع فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لقد جِئتُكَ مِنْ عِنْدِ أهلِ بَيتٍ ما أُراني أرجِعُ إليهم حتى يَموتَ بَعضُهم. قالَ: فقالَ له : «انطَلِقْ حتى تَجِدَ مِنْ شَيءٍ»، قالَ: فانطَلَقَ فجاءَ بحِلسٍ وقَدَحٍ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا الحِلسُ كانوا يَفترِشونَ بَعضَه ويَلبَسونَ بَعضَه، وهذا القَدَحُ كانوا يَشرَبونَ فيه؛ فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «مَنْ يَأخُذُهما مِنِّى بدِرهَمٍ». فقالَ رَجُلٌ: أنا يا رَسولَ اللَّهِ. فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «مَنْ يَزيدُ على دِرهَمٍ». فقالَ رَجُلٌ: أنا آخُذُهما باثنَيْنِ، فقالَ : «هُما لَكَ». قالَ: فدَعا الرَّجُلَ فقالَ له: «اشتَرِ بدِرهَمٍ فأْسًا وبدِرهَمٍ طَعامًا لِأهلِكَ» (١).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٦٤١)، والترمذي (١٢١٨)، وابن ماجه (٢١٩٨)، والبيهقي في «الكبرى» (١٣٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>