للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائِعِ، أو انصِرافِ البائِعِ عنها (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: قَبْضُ العَقارِ -وهو الأرضُ والنَّخلُ والأبنيةُ- تَخليتُه لِلمُشتَرِي بلَفظٍ يَدلُّ عليها مِنْ البائِعِ، وتَمكينُه مِنْ التَّصرُّفِ فيه، كتَسليمِ المِفتاحِ إليه، وإنْ لَم يَتصرَّفْ فيه، ولَم يَدخُلْه، بشَرطِ فَراغِه مِنْ أمتِعةِ البائِعِ؛ لأنَّ التَّسليمَ في العُرفِ مَوقوفٌ على ذلك.

وقَبضُ المَنقولِ مِنْ حَيَوانٍ أو غيرِه تَحويلُه، وتَمكينُه مِنْ التَّصرُّفِ؛ لِمَا رَوى الشَّيخانِ عن ابنِ عمرَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ: «مَنِ اشتَرَى طَعامًا فلا يَبِعْه حتى يَستَوفيَه». قالَ: وكُنَّا نَشتَري الطَّعامَ مِنْ الرُّكبانِ جِزافًا، فنَهانا رَسولُ اللَّهِ أنْ نَبيعَه حتى نَنقُلَه مِنْ مَكانِه (٢).

وقِيسَ بالطَّعامِ غيرُه.

ولِلمُشتَرِي قَبضُ المَبيعِ إنْ كانَ دَفَعَ الثَّمنَ، أو كانَ مُؤجَّلًا، ولَم يَحِلَّ، أو سلَّمه البائِعُ، وإلَّا فلا بدَّ مِنْ إذْنِ البائِعِ؛ فلِلبائِعِ حَبسُ المَبيعِ نَظيرَ دَفعِ الثَّمنِ، إنْ خافَ فَوْتَه، وإنْ كانَ المَبيعُ يُكالُ أو يُوزَنُ أو يُقاسُ لزِم في صِحَّةِ قَبضِه الوَزنُ أو الكَيلُ أو المَقاسُ.

ولو امتَنَعَ المُتعاقِدانِ، كُلٌّ يُريدُ أنْ يُسلِّمَه الآخَرَ، كأنْ يَقولَ البائِعُ: لا أُسلِّمُ المَبيعَ حتى أقبِضَ ثَمَنَه، وقالَ المُشتَرِي في الثَّمنِ مثلَه، أُجبِرَ البائِعُ


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «حاشية الصاوي» (٧/ ٢٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٦٤٢)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٣٧، ٣٣٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٤٩٥)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ١٥٨).
(٢) رواه البخاري (٢٠١٧)، ومسلم (١٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>