للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعضِه يُوجِبُ انفِساخَ البَيعِ وسُقوطَ الثَّمنِ بقَدْرِه، والمُشتَرِي بالخِيارِ في البَقيَّةِ، إنْ شاءَ أخَذه بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ، وإنْ شاءَ ترَك؛ لأنَّ الصَّفقةَ قد تَفرَّقتْ عليه (١).

وذهَب المالِكيَّةُ إلى أنَّه إنْ كانَتِ البَقيَّةُ بعدَ التَّلَفِ النِّصفَ فأكثَرَ لزِم المُشتَريَ البَقيَّةُ بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ، ويَرجِعُ بحِصَّةِ ما تلِف، وذلك لأنَّ بَقاءَ النِّصفِ كبَقاءِ الجُلِّ (الأكثَرِ)، فيَلزَمُه، وهذا في المَبيعِ المُتعَدِّدِ.

فإنْ كانَ المَبيعُ مُتَّحِدًا (٢) كفَرَسٍ مَثَلًا، وبَقيَ بعدَ التَّلَفِ النِّصفُ فأكثَرُ، فالمُشتَرِي بالخِيارِ بينَ رَدِّ المَبيعِ وأخْذِ ثَمَنِه، وبينَ التَّمسُّكِ بالبَقيَّةِ بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ.

وإنْ كانَتِ البَقيَّةُ بعدَ التَّلَفِ أقَلَّ مِنْ النِّصفِ حرُم التَّمسُّكُ بها، ووجَب رَدُّ المَبيعِ، وأخْذُ جَميعِ ثَمَنِه؛ لِاختِلالِ البَيعِ بتَلَفِ جُلِّ المَبيعِ؛ فتَمَسُّكُ المُشتَرِي ببَقيَّتِه كإنشاءِ عَقدٍ بثَمَنٍ مَجهولٍ؛ إذْ لا يُعلَمُ ما يَخُصُّ البَقيَّةَ إلَّا بعدَ تَقويمِ الجَميعِ، ثم النَّظَرُ فيما يَخُصُّ كُلَّ جُزءٍ على انفِرادِه، إلَّا المِثليَّ، فلا يَحرُمُ التَّمسُّكُ بالأقَلِّ، بَلِ المُشتَرِي بالخِيارِ بينَ فَسخِ البَيعِ وبينَ التَّمسُّكِ بالبَقيَّةِ بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ، وذلك لأنَّ المِثليَّ مَنابُه (مُقابِلُه) مِنْ الثَّمنِ المَعلومِ؛ فليسَ التَّمسُّكُ بالبَقيَّةِ القَليلةِ كإنشاءِ عَقدٍ بثَمَنٍ مَجهولٍ، وإنَّما يَأتي هذا في المُقوَّمِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، و «ابن عابدين» (٣/ ٤٦).
(٢) أي: لا يقبل التجزئة.
(٣) «حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٤٣، ٢٥٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٦٤٨، ٦٥٠)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٣٦، ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>