للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتاحَتْهم، وجاحَ اللَّهُ مالَه وأجاحَه، أي: أهلَكَه بالجائِحةِ.

وتَكونُ بالبَرَدِ يقعُ مِنْ السَّماءِ إذا عَظُمَ حَجمُه، فكَثُرَ ضَرَرُه، وتَكونُ بالبَرَدِ أو الحَرِّ المُفرِطَيْنِ حتى يَفسُدَ الثَّمرُ (١).

والجائِحةُ عندَ الفُقهاءِ -كما قالَ ابنُ القاسِمِ مِنْ المالِكيَّةِ وتَبِعَه أكثَرُهم-: كلُّ شَيءٍ لا يُستَطاعُ دَفعُه لو عُلم به، كسَماويٍّ، كالبَرَدِ والحَرِّ، ومِثلُ ذلك رِيحُ السَّمومِ، والثَّلجُ، والمَطَرُ، والجَرادُ، والفِئرانُ، والغُبارُ، والنَّارُ، ونَحوُ ذلك، أو كغيرِ سَماويٍّ، كجَيشٍ وغيرِه، وأمَّا فِعلُ السَّارِقِ ففيه خِلافٌ عندَهم، مَحَلُّه إذا لَم يُعلَم، أمَّا إذا عُلم فإنَّه لا يَكونُ جائِحةً، على قَولِ ابنِ القاسِمِ وأكثَرِ المالِكيَّةِ؛ لأنَّه يُستَطاعُ دَفْعُه، ويَكونُ جائِحةً عندَ غيرِهم (٢).

وعرَّفها الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ بأنَّها كلُّ ما أذهَبَ الثَّمرةَ أو بَعضَها بغيرِ جِنايةِ آدَميٍّ، كرِيحٍ ومَطَرٍ وثَلجٍ، وبَرَدٍ، وجَليدٍ، وصاعِقةٍ، وحَرٍّ، وعَطَشٍ، ونَحوِها (٣).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : مَعرِفةُ الأسبابِ الفاعِلةِ لِلجَوائِحِ، وأمَّا ما أصابَ الثَّمرةَ مِنْ السَّماءِ، مثلَ البَرَدِ والقَحطِ وضِدِّه والعَفَنِ، فلا خِلافَ في المَذهبِ أنَّه جائِحةٌ.


(١) «الصحاح والقاموس واللسان والمصباح» مادة: (جوح).
(٢) «الدسوقي» (٣/ ١٨٥)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٦٣)، «كفاية الطالب مع حاشية العدوي» (٢/ ١٧٣)، «المنتقى» (٤/ ٢٣٢، ٢٣٣).
(٣) «الأم» للشافعي (٣/ ٥٨)، «مطالب أولي النهى» (٣/ ٢٠٠، ٢٠٣)، «كشاف القناع» (٣/ ٢٨٥)، «الإنصاف» (٥/ ٧٦، ٧٧)، و «القاموس واللسان والمصباح» مادة: (جوح).

<<  <  ج: ص:  >  >>